يومَ أخَذَها؟ ثم يُعْطِيه، وسواءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُها قَلِيلًا أو كَثِيرًا. قال القاضى: هذا إذا اتَّفَقَ الناسُ على تَرْكِهَا، فأمَّا إن تَعَامَلُوا بها مع تَحْرِيمِ السُّلْطَانِ لها، لَزِمَ أخْذُها. وقال مالِكٌ، واللَّيْثُ بن سَعْدٍ، والشَّافِعِىُّ: ليس له إلَّا مِثْلُ ما أقْرَضَهُ؛ لأنَّ ذلك ليس بِعَيْبٍ حَدَثَ فيها، فجَرَى مَجْرَى نَقْصِ سِعْرِها. ولَنا، أنَّ تَحْرِيمَ السُّلْطَانِ لها مَنَعَ إِنْفاقَها، وأَبْطَلَ مَالِيَّتَها، فأَشْبَهَ كَسْرَها، أو تَلَفَ أجْزَائِها، وأما رُخْصُ السِّعْرِ فلا يَمْنَعُ رَدَّهَا، سواءٌ كان كثيرًا، مثلَ أن كانتْ عشرةً بِدَانَقٍ، فَصارَتْ عِشْرِينَ بِدَانِقٍ (٢١)، أو قليلا؛ لأنَّه لم يَحْدُثْ فيها شىءٌ، إنَّما تَغَيَّرَ السِّعْرُ، فأشْبَهَ الحِنْطَةَ إذا رَخُصَتْ أو غَلَتْ.
فصل: وإذا أَقْرَضَهُ ما لِحَمْلِه مُؤْنَةٌ، ثم طَالَبَه بمِثْلِه بِبَلَدٍ آخَرَ، لم يَلْزَمْهُ؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه حَمْلُه له إلى ذلك البَلَدِ. فإن طَالَبَه بالقِيمَةِ لَزِمَهُ؛ لأنَّه لا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهَا. فإن تَبَرَّعَ المُسْتَقْرِضُ بِدَفْعِ المِثْلِ، وأَبَى المُقْرِضُ قَبُولَه، فله ذلك، لأنَّ عليه ضَرَرًا فى قَبْضِه، لأنَّه ربما احْتَاجَ إلى حَمْلِه إلى المَكَانِ الذى أَقْرَضَهُ فيه، وله المُطَالَبَةُ بِقِيمَةِ ذلك فى البَلَدِ الذى أقْرَضَهُ فيه؛ لأنَّه المَكانُ الذى يَجِبُ التَّسْلِيمُ فيه، وإن كان القَرْضُ أَثْمانًا، أو مالا مُؤْنَةَ فى حَمْلِه، وطَالَبَه بها، وهما بِبَلَدٍ آخَرَ، لَزِمَهُ دَفْعُه إليه؛ لأنَّ تَسْلِيمَه إليه فى هذا البَلَدِ وغيرِه واحِدٌ.
فصل: وإن أَقْرَضَ ذِمِّىٌّ ذِمِّيًّا خَمْرًا، ثم أسْلَما أو أحَدُهما. بَطَلَ القَرْضُ. ولم يَجِبْ على المُقْتَرِضِ شىءٌ، سواءٌ كان هو المُسْلِمَ أو الآخَر؛ لأنَّه إذا أسْلَمَ لم يَجُزْ أن يَجِبَ عليه خَمْرٌ، لِعَدَمِ مَالِيَّتِها، ولا يَجِبُ بَدَلُها؛ لأنَّها لا قِيمَة لها، ولذلك لا يَضْمَنُها إذا أَتْلَفَها. وإن كان المُسلِمُ الآخَرَ لم يَجِبْ له شىءٌ، لذلك.