للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّضَاعِ، فأنكَرَ، لم يُقَبَلْ في ذلك شَهادَةُ النِّساءِ المُنْفَرداتِ؛ لأنَّها شهادةٌ على الإِقْرارِ، والإِقْرارُ ممَّا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ، فلم يحْتَجْ فيه إلى شَهادَةِ النِّساءِ المُنْفَرِداتِ، فلم يُقْبَلْ ذلك، بخِلافِ الرَّضاعِ نَفْسِه.

فصل: كَرِهَ أبو عبدِ اللَّه الارْتِضاعَ بلَبَنِ الفُجُورِ والمُشْرِكاتِ. وقال عمرُ بن الخطابِ، وعمرُ بن عبد العزيز، رَضِىَ اللَّه عنهما: اللَّبَنُ يُشْبِهُ (٦)، فلا تَسْقِ (٧) من يَهُودِيّةٍ ولا نَصْرانِيَّةٍ ولا زَانِيَةٍ (٨). ولا يَقْبَلُ (٩) أهلُ الذِّمّةِ المُسْلِمةَ، ولا يَرَى شُعُورَهُنَّ. ولأنَّ لَبَنَ الفاجرةِ رُبَّما أَفْضَى إلى شَبَهِ المُرْضِعةِ في الفُجُورِ، ويَجْعَلُها أُمًّا لوَلَدِه، فَيَتَعَيّرُ بها، ويتَضَرّرُ طَبْعًا وَتَعَيُّرًا، والارْتِضاعُ من المُشْرِكة يَجْعَلُها أُمًّا، لها حُرْمةُ الأمِّ مع شِرْكِها، ورُبَّما مالَ إليها في مَحَبَّةِ دِينِها. ويُكْرَه الارْتِضاعُ بلَبَنِ الحَمْقاءِ، كيلا يُشْبِهَها الوَلَدُ في الحُمْقِ، فإنَّه يُقال: إنَّ الرَّضاعَ يُغَيِّرُ الطِّباعَ. واللَّه تعالى أعلمُ.


(٦) في أ، ب، م: "يشتبه".
(٧) في ب، م: "تستق".
(٨) انظر: السنن الكبرى ٧/ ٤٦٤، وسنن سعيد بن منصور ٢/ ١١٦.
(٩) من القبالة، وهى استقبال الولد عند الولادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>