للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهما فى المرضِ: إذا عَتَقْتِ أنتِ، أو أسْلَمْتِ أنتِ (٦٥)، فأنْتما طالِقَتانِ. فعَتَقَتِ الأمةُ، وأسْلَمتِ الذِّمِّيَّةُ، ومات، وَرِثَتاه؛ لأنَّه فارُّ. فإن قال لهما: أنتُما طالِقتَانِ غدًا. فعَتَقَتِ الأمةُ. وأسْلَمتِ الذِّمِّيَّةُ، لم تَرثاهُ؛ لأنَّه غيرُ فارٍّ. وإن قال سَيِّدُ الأمةِ: أنتِ حُرَّةٌ غدًا. وقال الزَّوْجُ: أنتِ طالقٌ غدًا. وهو يعلمُ بَقْولِ السَّيِّدِ، وَرِثَتْه؛ لأنَّه فارٌّ. وإن لم يَعْلَمْ، لم تَرِثْه؛ لعدمِ الفرارِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ وأصحابُه، والشافِعىُّ، ولم أعلمْ لهم مخالِفًا.

فصل: وإذا قال لِامرأتِه فى صحتِه: إذا مَرِضْتُ فأنتِ طالقٌ. فحُكْمُه حكمُ طَلاقِ المرضِ سَواءً. فإن أقَرَّ فى مَرَضِه أنَّه كان طَلَّقها فى صِحَّتِه ثلاثًا، لم يُقْبَلْ إقْرارُه عليها، وكان حُكْمُه حُكْمَ طلاقِه فى مَرَضِه. وبهذا قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ. وقال الشافِعىُّ: يُقْبَلُ إقْرارُه. ولَنا، أنَّه إقرارٌ بما يَبْطلُ به حَقُّ غيرِه، فلم يُقْبَلْ، كما لو أقرَّ بمالها.

فصل: وإن سأَلَتْه الطَّلاقَ فى مَرَضِه، فأجابَها، فقال القاضِى: فيه رِوَايتان؛ إحْداهما، لا تَرِثُه؛ لأنَّه ليس بفارٍّ. والثانية، تَرِثُه؛ لأنَّه طَلَّقها فى مَرَضِه. وهو قولُ مالكٍ. وكذلك الحكمُ إن خالَعها، أو عَلَّقَ الطَّلاقَ على مَشِيئَتِها فشاءت، أو على فِعْلٍ من جِهَتِها لها منه بُدٌّ ففَعَلَتْه، أو خَيَّرَها فاخْتارتْ نَفْسَها. والصحيحُ فى هذا كلِّه أنَّها لا تَرِثُه؛ لأنَّه لا فِرَارَ منه. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، والشافِعىِّ. وإن لم تَعْلَمْ بتَعْلِيق طلاقِها، ففَعَلَتْ ما عُلِّقَ عليه، وَرثَتْه؛ لأنَّها مَعْذُورةٌ فيه. ولو سأَلَتْه طَلْقةً، فطَلَّقها ثلاثًا، وَرِثَتْه؛ لأنَّه أبانَها بما لم تَطْلُبْه منه. وإن عَلّقَ طَلاقَها على فِعْلٍ لا بُدَّ لها منه، كصلاةٍ مكتوبةٍ، وصيامٍ واجبٍ فى وقتِه، ففعَلَتْهُ، فحُكْمُه حُكْمُ طلاقِها ابتداءً، فى قولِهم جميعا. وكذلك إن عَلَّقه على كلامِها لأبَوَيْها أو لأحدِهما. وإن قال فى مَرَضِه: أنتِ طالقٌ إن قَدِمَ زيدٌ. ونحوه ممَّا ليس من فِعْلِها ولا فِعْلِه، فوُجِدَ الشَّرطُ فطُلِّقَتْ به، وَرِثَتْه.

فصل: فإن عَلَّقَ طلاقَها فى الصِّحَّةِ على شرطٍ وُجِدَ فى المرضِ، كقُدُومِ زَيْدٍ،


(٦٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>