للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف يكونُ حِسَابًا كالقَبْضِ؟ قال (٦): يَظْهَرُ المالُ. يعني يَنِضُّ ويَجِىءُ، فيَحْتَسِبانِ عليه، وإن (٧) شاءَ صاحِبُ المالِ قَبَضَهُ. قيل له: فيَحْتَسِبانِ على (٨) المَتَاعِ؟ فقال: لا يَحْتَسِبانِ إلَّا على النّاضِّ؛ لأنَّ المتَاعَ قد يَنْحَطُّ سِعْرُهُ ويَرْتَفِعُ. قال أبو طَالِبٍ: قيل لأحمدَ: رَجُلٌ دَفَعَ إلى رَجُلٍ عَشرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ مُضَارَبةً، فوَضِعَ (٩)، فبَقِيَتْ أَلْفٌ، فحاسَبَه صاحِبُها، ثم قال له: اذْهَبْ فاعْمَلْ بها. فرَبِحَ؟ قال: يُقَاسِمُه ما فوقَ الأَلْفِ. يَعْنِى إذا كانت الأَلْفُ ناضَّةً حاضِرَةً، إن شاءَ صاحِبُها قَبَضَها. فهذا الحِسَابُ الذي كالقَبْضِ، فيكونُ أمْرُه بالمُضَارَبةِ بها في هذه الحال ابْتِداءَ مُضَارَبةٍ ثانِيةٍ، كما لو قَبَضَها منه ثم رَدَّها إليه. فأمَّا قبلَ ذلك، فلا شيء لِلْمُضَارِبِ حتى يُكْمِلَ عَشرَةَ آلافٍ، ولو أنَّ رَبَّ المالِ والمُضَارِبَ اقْتَسَما الرِّبْحَ، أو أخَذَ أحَدُهما منه شيئا بإذْنِ صاحِبِه، والمُضَارَبةُ بحَالِها، ثم سَافَرَ المُضَارِبُ به، فَخَسِرَ، كان على المُضَارِبِ رَدُّ ما أخَذَه من الرِّبْحِ؛ لأنَّنا تَبَيَّنَا أنَّه ليس بِرِبْحٍ، ما لم تَنْجَبِرِ الخَسارَةُ.

فصل: وإذا قَارَضَ في مَرَضِه، صَحَّ؛ لأنَّه عَقْدٌ يَبْتَغِى به الفَضْلَ، فأشْبَه البَيْعَ والشِّرَاءَ. ولِلْعامِلِ ما شَرَطَ له من الرِّبْحِ، وإن زَادَ على شَرْطِ مِثْلِه، ولا (١٠) يَحْتَسِبُ به من ثُلُثِه؛ لأنَّ ذلك غيرُ مُسْتَحَقٍّ من مالِ رَبِّ المالِ، وإنَّما حَصَلَ بعَمَلِ المُضَارِبِ في المالِ، فما يُوجَدُ (١١) من الرِّبْحِ المَشْرُوطِ يَحْدُثُ على مِلْكِ العامِلِ، بخِلَافِ ما لو حابَى الأَجِيرَ في الأَجْرِ، فإنَّه يَحْتَسِبُ بما حاباهُ من ثُلُثِه؛ لأنَّ الأَجْرَ يُؤْخَذُ من مَالِه. ولو شَرَطَ في المُساقاةِ والمُزَارَعَةِ أكْثَرَ من أَجْرِ المِثْلِ، احْتَمَلَ أن لا يَحْتَسِبَ به مِن ثُلُثِه؛


(٦) في م: "قالوا".
(٧) في ب، م: "فإن".
(٨) سقط من: ب.
(٩) في أ: "فوضعت". ووضع: خسر.
(١٠) في م: "إلا".
(١١) في الأصل: "وجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>