للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسْحاقَ؛ لأنَّه سَامِعٌ للسَّجْدةِ، [فكَانَ عليهِ السجودُ كالمُسْتَمِعِ] (١٣). وقالَ الشَّافِعِىُّ: لا أُؤَكِّدُ عليهِ السُّجودَ، وإنْ سَجَدَ فحسنٌ. ولَنا، مَا رُوِىَ عن عثمانَ، رضىَ اللهُ عنه: أنَّه مَرَّ بقَاصٍّ، فَقَرَأ القاصُّ سجدَةً ليَسْجُدَ عثمانُ معه، فلم يَسْجُدْ. وقالَ: إنَّما السَّجدَةُ على مَنِ اسْتَمَعَ. وقالَ ابْنُ مسعودٍ، وعِمْران: ما جَلَسْنَا لها. وقالَ سَلْمانُ: ما عَدَوْنَا لَهَا. ونحوُهُ عن ابْنِ عباسٍ، ولا مُخَالِفَ لهُمْ في عصرِهِمْ نعْلَمُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ عمرَ: إنمَا السَّجْدَةُ على مَنْ سَمِعَهَا. فيَحْتَمِلُ أنه أرادَ مَنْ سَمِعَ عَنْ قَصْدٍ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كلامُهُ جَمْعًا بين أقوَالِهِمْ؛ [ولأنَّ غيرَ القاصِدِ لم يُشارِكِ التَّالِى في الأجرِ، فلم يُشارِكْهُ في السُّجودِ كغَيْرِه، أمَّا المُسْتَمِعُ فإنَّه شَرِيكُ التَّالِى في الأجْرِ، بدليلِ قولهِ عليه السَّلامُ: "التَّالِى والمُسْتَمِعُ شَرِيكَانِ"] (١٤).

فصل: ويُشْتَرَطُ لسُجُودِ المُسْتَمِعِ أنْ يَكُونَ التَّالِى ممَّنْ يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ لَهُ إمَامًا. [فإنْ كان التَّالِى امرأةً، أو خُنْثَى مُشْكِلًا، لم يسْجُدِ الرجلُ باسْتماعِه منهما، روايةً واحدةً. وبهذا قال] (١٥)، مالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ. [ورُوِىَ ذلك عن قَتادةَ] (١٦). وقالَ النَّخَعِىُّ: هي إمامُكَ. [والأصلُ في ذلك ما رُوِىَ] (١٧) أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أتَى نَفَرٍ مِنْ أصْحابِهِ، فَقَرَأَ رَجُلٌ منْهُمْ سجدةً، ثُمَّ نَظَرَ إلى رَسُولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّكَ كُنْتَ إمَامَنَا، وَلَوْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا". رَوَاهُ الشَّافِعىُّ، في "مُسْنَدِهِ" (١٨)، والجُوزَجَانِىُّ (١٩)، في "المُتَرْجَمِ"،


(١٣) في الأصل: "فأشبه المستمع".
(١٤) في م: "ويصح قياس السامع على المستمع، لافتراقهما في الأجر".
ولم نجد الحديث بهذا اللفظ. وانظر: نصب الراية ٢/ ١٧٨.
(١٥) في م: "فإن كان صبيا أو امرأة، فلا يسجد السامع، رواية واحدة، إلا أن يكون ممَّن يصح له أن يأتمَّ به. وممن قال لا يسجد إذا سمع المرأة قتادة، و".
(١٦) سقط من: م.
(١٧) في م: "وقد روى".
(١٨) في الجزء الأول، صفحة ١٢٢، في: باب سجود التلاوة. وانظر: الأم ١/ ١٢٠.
(١٩) لعله أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب، الذي تقدمت ترجمته، في الجزء الأول. وذكر له الذهبي في تذكرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>