للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو على أن أُؤجِرَك. أو على أن تُؤْجِرَنِى كذا. أو على أن تُزَوِّجَنِى ابْنَتَكَ. أو على أن أُزَوِّجَكَ ابْنَتِى. ونحوَ هذا. فهذا كلُّه لا يَصِحُّ. قال ابنُ مَسْعُودٍ: الصَّفْقَتَانِ فى صَفْقَةٍ رِبًا. وهذا قولُ أبي حَنِيفَةَ، والشَّافِعِيِّ، وجُمْهُورِ العُلَمَاءِ. وجَوَّزَه مالِكٌ، وقال: لا ألْتَفِتُ إلى اللَّفْظِ الفاسِدِ، إذا كان مَعْلُومًا حَلالًا، فكأنَّه باعَ السِّلْعَةَ بالدَّراهِمِ التى ذَكَرَ أَنَّه يَأْخُذُها بالدَّنانِيرِ. ولَنا، الخَبَرُ، وأنَّ النَّهْىَ يَقْتَضِى الفَسادَ، ولأنَّ العَقْدَ لا يَجِبُ بالشَّرْطِ؛ لكونِه لا يَثْبُتُ فى الذِّمَّةِ، فيَسْقُطُ، فيَفْسُدُ العَقْدُ؛ لأنَّ البائِعَ لم يَرْضَ به، إلَّا بذلك الشَّرْطِ، فإذا فاتَ فاتَ الرِّضَى به، ولأنَّه شَرَط عَقْدًا فى عَقْدٍ، فلم (٤) يَصِحَّ، كَنِكاحِ الشِّغارِ، وقوله (٥): لا أَلْتَفِتُ إلى اللَّفْظِ. لا يَصِحُّ؛ لأنَّ البَيْعَ هو اللَّفْظُ، فإذا كان فاسِدًا فكيف يكونُ صَحِيحًا. ويَتَخَرَّجُ أن يَصِحَّ البَيْعُ، ويَفْسُدَ الشَّرْطُ، بِناءً على ما لو شَرَطَ ما يُنافِى مُقتَضَى العَقْدِ، كما سَبَقَ. واللهُ أعلمُ.

فصل: وقد رُوِىَ فى تَفْسِيرِ بَيْعَتَيْنِ فى بَيْعَةٍ، وَجْهٌ آخَرُ، وهو أن يقولَ: بِعْتُكَ هذا العَبْدَ بِعَشرَةٍ نَقْدًا، أو بِخَمْسَةَ عَشَرَ نَسِيئَةً، أو بِعَشرَةٍ مُكَسَّرَةً، أو تِسْعَةٍ صِحاحًا. هكذا فَسَّرَه مالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، وإسْحاقُ. وهو أيضًا باطِلٌ. وهو قولُ الجُمْهُورِ؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ له بِبَيْعٍ واحِدٍ، فأشْبَهَ ما لو قال: بِعْتُكَ هذا أو هذا. ولأنَّ الثَّمنَ مَجْهُولٌ، فلم يَصِحَّ، كالبَيْعِ بالرَّقَمِ المَجْهُولِ. ولأنَّ أحَدَ (٦) العِوَضَيْنِ غيرُ مُعَيَّنٍ، ولا مَعْلُومٍ، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: بعْتُكَ أحَدَ عَبِيدِى. وقد رُوِىَ عن طاوُسٍ، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، أَنَّهم قالوا: لا بَأْسَ أن يقول: أبِيعُكَ بالنَّقْدِ بكذا، وبالنَّسِيئةِ بكذا. فيذهبُ على أحَدِهما. وهذا مَحْمُولٌ على أنَّه جَرَى بينهما بعدَ ما يَجْرِى فى العَقْدِ، فكأنَّ المُشْتَرِىَ قال: أنا آخُذُه بالنَّسِيئَةِ بكذا. فقال:


(٤) فى م: "لم".
(٥) أى الإِمام مالك.
(٦) فى الأصل": "أخذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>