للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشْبَهَ ما لو رَكَعَ وسَجَدَ معه. ونَقَلَ صَالِحٌ، وابنُ مَنْصُورٍ، وغيرُهما، أنَّه يَسْتَقْبِلُ الصلاةَ أَرْبَعًا. وهو ظاهِرُ قولِ الْخِرَقِىِّ، وابنِ أبي موسى، واخْتِيَارُ أبي بكرٍ، وقولُ قَتادَةَ، وأيُّوبِ السَّخْتِيَانِىّ، ويُونُسَ بن عُبَيْد، والشَّافِعِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّه لم يُدْرِكْ رَكْعَةً كامِلَةً، فلم يكن مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، كالتى قبلَها.

فصل: ومتى قَدَرَ المَزْحُومُ [على السُّجُودِ] (٩) على ظَهْرِ إنْسَانٍ، أو قَدَمِه، لَزِمَهُ ذلك، وأجْزَأهُ. قال أحمدُ، في رِوَايَةِ أحمدَ بنِ هاشِمٍ (١٠): يَسْجُدُ على ظَهْرِ الرَّجُلِ والقَدَمِ، ويُمَكِّنُ الجَبْهَة والأَنْفَ، في العِيدَيْنِ والجُمُعَةِ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، ومالِكٌ: لا يَفْعَلُ. قال مالِكٌ: وتَبْطُلُ الصلاةُ إن فَعَلَ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ومَكِّنْ جَبْهَتَكَ مِنَ الأَرْضِ" (١١). ولَنا، ما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال: إذا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فلْيَسْجُدْ على ظَهْرِ أخِيهِ. رَوَاه سَعِيدٌ في "سُنَنِه" (١٢). وهذا قالَه بمَحْضَرٍ من الصَّحابَةِ وغيرِهم في يومِ جُمُعَةٍ، ولم يَظْهَرْ له مُخَالِفٌ، فكان إجْماعًا. ولأنَّه أتَى بما يُمْكِنُه حالَ العَجْزِ، فصَحَّ، كالمَرِيضِ يَسْجُدُ على المِرْفَقَةِ (١٣)، والخَبَرُ لم يَتَنَاوَل العاجِزَ؛ لأنَّ اللهَ لا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، ولا يَأْمُرُ العاجِزَ عن الشىءِ بِفِعْلِه.

فصل: وإذا زُحِمَ في إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، لم يَخْلُ مِن أن يُزْحَمَ في الأُولَى أو في


(٩) في الأصل: "عن أن يسجد".
(١٠) أحمد بن هاشم بن الحكم الأنطاكى، ذكر أبو بكر الخلال أنه سمع منه حديثا كثيرا، سنة سبعين أو إحدى وسبعين ومائتين، ونقل عن الإِمام أحمد مسائل حسانا، طبقات الحنابلة ١/ ٨٢.
(١١) تقدم تخريجه في ٢/ ١٢٢.
(١٢) وأخرجه عبد الرزاق، في: باب من حضر الجمعة فزحم فلم يستطع يركع مع الإِمام، من كتاب الجمعة. المصنف ٣/ ٢٣٣.
(١٣) المرفقة: المخدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>