للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْكوكٌ فيه، فيَبْقَى على الأصْلِ، كما لو أَذِنَ له (١٩) فى طَلَاقِ امْرَأتِه (٢٠)، لم يكُنْ له أن يُطَلِّقَ أكثرَ من واحدةٍ. ولأنَّ الزَّائِدَ على الواحدةِ يَحْتَمِلُ أن يكونَ غيرَ مُرَادٍ، فيَبْقَى على أصْلِ التَّحْرِيمِ، كما لو شَكَّ هل أَذِنَ له أو لا؟ .

فصل: والمُكاتَبُ كالعَبْدِ القِنِّ، لا يتزَوَّجُ ولا يَتَسَرَّى إلَّا بإذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّ فى ذلك إتْلافًا للمالِ الذى فى يَدَيْه، وقد قال عليه السلامُ: "المُكاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ" (٢١). وأمَّا المُعْتَقُ بعضُه، فإذا مَلَكَ بجُزْئِه الحُرِّ جارِيةً، فمِلْكُه تامٌّ، وله الوَطْءُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لقولِه سبحانه: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٢٢). ولأنَّ مِلْكَه عليها تامٌّ، له التَّصَرُّفُ فيها بما شاءَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، فكذلك الوَطْءُ، وما فيه من الرِّقِّ لا يَمْنَعُه من اسْتِيفاءِ ما يَمْلِكُه، كما له أن يتَصَرَّفَ ويَأْكُلَ ما مَلَكَه بنِصْفِه الحُرِّ. وقال القاضى: حُكْمُه حكمُ القِنِّ. وهو مَنْصُوصُ الشافعىِّ. وقال بعضُ أصْحابه كقَوْلِنا. واحْتَجَّ من مَنَعَ ذلك بأنَّه لا يُمْكِنُه الوَطْءُ بنِصْفِه الحُرِّ وَحْدَه، ولذلك (٢٣) مَنَعْناه التزْوِيجَ حتى يَأْذَنَ له سَيِّدُه. ولَنا، أنَّه لا حَقَّ لِسَيِّدِه فيها، ولا يَلْحَقُه ضَرَرٌ باسْتِمْتاعِه منها، فلم يُعْتَبرْ إذْنُه فيه (٢٤)، كاسْتِخْدامِها. وأمَّا التَّزْويجُ، فإنَّه يَلْزَمُه (٢٥) به حُقُوقٌ تتَعَلَّقُ بجُمْلَتِه، فاعْتُبِرَ رِضَى السَّيِّدِ، ليكونَ راضِيًا بتَعَلُّقِ الحَقِّ بمِلْكِه، بخِلافِ مَسْألَتِنا، فإنَّ الحَقَّ له لا عليه. فأمَّا إن أَذِنَ له السَّيِّدُ (٢٦) فيه جازَ، إلَّا عندَ مَنْ مَنَعَ (٢٧) العَبْدَ التَّسَرِّىَ؛ لأنَّه كالقِنِّ فى قَوْلِهم.


(١٩) سقط من: ب.
(٢٠) فى الأصل: "امرأة".
(٢١) تقدم تخريجه فى صفحتى ١٢٤، ١٢٥.
(٢٢) سورة النساء ٣.
(٢٣) فى أ، ب، م: "وكذلك".
(٢٤) فى أ، م: "فيها".
(٢٥) فى الأصل: "يتعلق".
(٢٦) فى م: "سيده".
(٢٧) فى الأصل: "يمنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>