للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالعامِّىِّ. الشرطُ الثالثُ، أنْ يصِلَ الكِتابُ إلى المكتوبِ إليه فى مَوْضِعِ وِلَايَتِه، فإن وصَلَه فى غيرِه، لم يكُنْ له قَبولُه حتى يصِيرَ إلى مَوْضِعِ وِلايَتِه. ولو تَرافَعَ إليه خَصْمانِ فى غيرِ موضعِ وِلَايَتِه، لم يكُنْ له الحكمُ بينَهما بحُكمِ وِلَايَتِه، إلَّا أن يَتراضَيا به، فيكونَ حكمُه حكمَ غيرِ القاضى إذا تَراضَيا به، وسواءٌ كان الخَصْمانِ مِن أهلِ عمَلِه أو لم يَكُونا. ولو ترافعَ إليه خَصْمانِ، وهو فى مَوْضِعِ وِلَايَتِه، مِن غيرِ أهلِ ولايَتِه، كان له الحكمُ بينَهما؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بمَوْضعِهما، إلَّا أنْ يأْذَنَ الإمامُ لقاضٍ أنْ يحكُمَ بين أهلِ ولايَتِه حيثُ كانوا، ويمْنعَه مِن الحكمِ بينَ غيرِ أهلِ وِلَايَتِه حيثُما كان، فيكونَ الأمرُ على ما أذِنَ فيه ومَنعَ منه؛ لأنَّ الوِلايةَ بتَوْلِيَتِه، فيكونُ الحُكْمُ على وَفْقِها.

فصل: فى تَغْييرِ حالِ القاضى: ولا يَخْلُو مِن أنْ يَتغيَّرَ حالُ الكاتبِ أو المكتوبِ إليه، أو حالُهما معًا، فإن تغيَّرتْ حالُ الكاتبِ، بمَوتٍ أو عزلٍ، بعدَ أَن كَتبَ الكِتابَ، وأشْهدَ على نفسِه، لم يقْدَحْ فى كتابِه، وكان على مَن وصَلَه الكتابُ قَبولُه، والعملُ به، سَواءٌ تغيَّرتْ حالُه قبلَ خُروجِ الكِتابِ مِن يَدِه، أو بعدَه. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يُعْمَلُ به فى الحاليْن. وقال أبو يوسفَ: إنْ ماتَ قبلَ خُروجِه مِن يَدِه، لم يُعْمَلْ به، وإن ماتَ بعدَ خُروجِه مِن يَدِه، عُمِلَ به؛ لأنَّ كِتابَ الحاكمِ بمَنْزلةِ الشَّهادةِ [على الشَّهادةِ] (١٤)؛ لأنَّه يَنْقُلُ شهادةَ شاهِدَىِ الأصْلِ، فإذا ماتَ قبلَ وُصولِ الكِتابِ، صارَ بمَنْزلةِ مَوْتِ شاهِدَىِ الفَرْعِ قبلَ أداءِ شَهادَتِهما. ولَنا، أنَّ المُعَوَّلَ فى الكتابِ على الشاهِدَيْن اللَّذين يَشْهدان على الحاكمِ وهما حَيَّانِ، فيجِبُ أن يُقْبَلَ كتابُه، كما لو لم يَمُتْ، ولأنَّ كتابَه إنْ كان فيما حَكَمَ به، فحُكْمُه لا يبْطُلُ بمَوْتِه وعَزْلِه، وإنْ كانَ فيما ثَبتَ (١٥) عندَه بشَهادةٍ، فهو أصْلٌ، واللَّذان شَهِدَا عليه فرْعٌ، ولا تَبْطُلُ شَهادةُ الفرعِ بمَوتِ شاهدِ الأصلِ، وما ذكرُوه حُجَّةٌ عليهم؛ لأنَّ الحاكمَ قد أشْهدَ على نفسِه، وإنما يَشْهدُ عندَ المكتوبِ إليه شاهِدَان عليه، وهما حَيَّان، وهما شاهِدَا الفَرْعِ، وليس موتُه مانِعًا مِن شَهادتِهما، فلا يَمْنَعُ قَبولَها، كمَوْتِ شاهِدَىِ الأصْلِ. وإن تغيَّرتْ حالُه


(١٤) سقط من: ب.
(١٥) فى الأصل: "يثبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>