للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨٧ - مسألة؛ قال: (وهُوَ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالنَّظِيرِ، أوْ قَوَّمَ النَّظِيرَ بِدَرَاهِمَ، وَنَظَرَ كَمْ يَجِىءُ بهِ طَعَامًا، فأَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أوْ صَامَ عنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، مُعْسِرًا كَانَ أو مُوسِرًا)

في هذه المسألة أربعة فُصولٍ: الأوَّلِ، أنَّ قَاتِلَ الصَّيْدِ مُخَيَّرٌ في الجَزاءِ بأحَدِ هذه الثَّلاثةِ، بأيِّها شاءَ كَفَّرَ، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا. وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ، أنَّها على التَّرْتِيبِ، فيَجِبُ المِثْلُ أوَّلًا، [فإنْ لم يَجِدْ أطْعَمَ] (١)، فإنْ لم يَجِدْ صامَ. ورُوِىَ هذا عن ابْنِ عَبّاسٍ، والثَّوْرِىِّ؛ لأنَّ هَدْىَ المُتْعَةِ على التَّرْتِيبِ. وهذا أَوْكَدُ منه؛ لأنَّه بِفِعْلِ مَحْظُورٍ. وعنه رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أنَّه لا إطْعامَ في الكَفَّارَةِ، وإنَّما ذُكِرَ في (٢) الآيةِ لِيَعْدِلَ به (٣) الصِّيامَ؛ لأنَّ مَنْ قَدَرَ على الإِطْعَامِ قَدَرَ على الذَّبْحِ. هكذا قال ابنُ عَبّاسٍ. وهذا قَوْلُ الشَّعْبِىِّ، وأبى عِياضٍ (٤). ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (٥). و "أوْ" في الأمْرِ لِلتَّخْيِيرِ. رُوِىَ عن ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّه قال: كلُّ شىءٍ أو أو، فهو مُخَيَّرٌ. وأمَّا ما كان فإن لم يُوجَدْ، فهو الأوَّل الأوَّلُ. ولأنَّ عَطْفَ هذه الخِصالِ بَعْضِها على بَعْضٍ بأوْ، فكان مُخَيَّرًا [في جميعها، كفِديةِ الأذَى، وكفَّارةِ اليَمينِ. ولأنَّها فِديَةٌ تجبُ بفعلِ مَحظُورٍ، فكان مُخيَّرًا] (٦) بين ثلاثتِها كفِدْيَةِ الأذَى (٧)، وقد سَمَّى اللهُ الطَّعامَ كَفَّارَةً، ولا يَكُونُ كَفَّارَةً ما لم يَجِبْ إخْرَاجُه، وجَعْلُه طَعامًا لِلْمَسَاكِينِ، وما لَا (٨)


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: "الخرقى".
(٣) سقط من: ب، م.
(٤) أبو عياض، هو عمرو بن الأسود العَنْسى، حمصى، سكن داريا، من كبار التابعين. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٨/ ٤.
(٥) سورة المائدة ٩٥.
(٦) سقط من: ب، م.
(٧) في أ، ب، م: "الأداء".
(٨) في ب، م: "وألا".

<<  <  ج: ص:  >  >>