للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لامرأتِه الأُخْرَى] (٣). قالت: قد حِضْتُ. من ساعتِها أو بعدَ ساعةٍ، تَطْلُقُ هى، ولا تَطْلُقُ هذه حتى تَعْلَمَ؛ لأنَّها مُؤْتَمَنَةٌ على نفسِها، ولا يُجْعَلُ طلاقُ هذه بيدِها. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ وغيرِه؛ لأنَّها مُؤْتَمنةٌ فى حقِّ نفسِها دونَ غيرِها، فصارت كالمُودَعِ يُقْبَلُ قولُه فى الرَّدِّ على المُودِعِ دُونَ غيرِه. ولو قال: قد حِضْتِ. فأنْكرتْ (٤). طَلُقَتْ بإقْرارِه. فإن قال: إن حِضْتِ فأنتِ وضَرَّتُك طالقتانِ. فقالتْ: قد حِضْتُ. فصدَّقَها، طَلُقَتَا بإقْرارِه. وإن كذَّبَها، طَلُقَتْ وحدَها. وإن ادَّعتِ الضَّرَّةُ أنَّها قد (٥) حاضَتْ، لم يُقْبَلْ؛ لأنَّ مَعْرفتَها بحَيْض غيرِها كمعرفةِ الزَّوجِ به، وإنَّما اؤْتُمِنَتْ على نفسِها فى حَيْضِها. وإن قال: قد حِضْتِ. فأنكرَتْ، طَلُقَتَا بإقْرارِه. ولو قال لامرأتَيْه: إن حِضْتُما فأنتُما طالقتانِ. فقالتا: قد حِضْنا. فصدَّقَهما، طَلُقَتَا، وإن كذَّبَهما، لم تَطْلُقْ واحدةٌ منهما (٥)؛ لأنَّ طلاقَ كلِّ واحدةٍ منهما مُعَلَّقٌ على شَرْطينِ، حَيْضِها، وحَيْضِ ضَرَّتِها، ولا يُقبَلُ قولُ ضَرَّتِها عليها، فلم يُوجَدِ الشَّرْطانِ. وإن صَدَّقَّ إحْدَاهما، وكذَّبَ الأُخْرَى، طَلُقَتِ المُكَذَّبَةُ وَحْدَها؛ لأنَّ قولَها مقبولٌ فى حقِّها. وقد صدَّقَ الزَّوجُ ضَرَّتَها، فوُجِدَ الشَّرْطانِ فى طَلاقِها، ولم تَطْلُقِ المُصَدَّقَةُ؛ لأنَّ قولَ ضَرَّتِها غيرُ مَقْبولٍ فى حقِّها، وما صدَّقَها الزَّوجُ، فلم يُوجَدْ شَرْطُ طلاقِها.

فصل: فإن قال لأرْبَعٍ: إن حِضْتُنَّ فأنتُنَّ طَوالِقُ. فقُلْنَ: قد حِضْنا. فصدَّقَهنّ، طَلُقْنَ. وإن كذَّبَهُنَّ، لم تَطْلُقْ واحدةٌ منهنَّ؛ لأنَّ شَرْطَ طلاقِهِنَّ حَيْضُ الأرْبعِ، ولم يُوجَدْ. وإن صدَّقَ واحدةً أو اثنتَيْنِ، لم تَطْلُقْ واحدةٌ منهنَّ؛ لأنَّه لم يُوجَدِ الشَّرطُ. وإن صدَّقَ ثلاثًا، طَلُقَتِ المُكَذَّبَةُ وحدَها؛ لأنَّ قولَها مقبولٌ فى حَيْضِها، وقد صدَّقَ الزَّوجُ صَواحبَها، فوُجِدَ حَيْضُ الأرْبعِ فى حقِّها، فطَلُقَتْ، ولا يَطْلُقُ المُصَدَّقاتُ؛ لأنَّ قولَ المُكَذَّبةِ غيرُ مَقْبولٍ فى حقِّهنّ.


(٣) فى الأصل، ب: "لامرأة أخرى".
(٤) فى أ، م: "فأنكرته".
(٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>