للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِنْسٌ واحِدٌ على الرِّواياتِ كلِّها؛ لأنَّ اسْمَ البَقَرِ يَشْمَلُهُما. ولَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لأنَّ لَحْمَهُما (١٠) جِنْسَانِ، فكان لَبَنُهُما (١١) جِنْسَيْنِ، كالإِبِلِ والبَقَرِ. ويَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بغير جِنْسِه، مُتَفاضِلًا، وكيف شَاءَ، يَدًا بيَدٍ، وبِجنْسِه (١٢) مُتَماثِلًا كَيْلًا. قال القاضِى: هو مَكِيلٌ لا يُباعُ إلَّا بالكَيْلِ؛ لأنَّه العادَةُ فيه. ولا فَرْقَ بين أنْ يكونا حَلِيبَيْنِ أو حامِضَيْنِ، أو أحَدُهُما حَلِيبٌ، والآخَرُ حامِضٌ؛ لأنَّ تَغْيِيرَ الصِّفَةِ لا يَمْنَعُ جَوَازَ البَيْعِ، كالجَوْدَةِ والرَّداءَةِ. وإنْ شِيبَ أحَدُهُما بماءٍ، أو غيرِه، لم يَجُزْ بَيْعُه بِخالِصٍ ولا بِمَشُوبٍ من جِنْسِه؛ لأنَّ معه مِن غيرِ جِنْسِه لغيرِ مَصْلَحَتِهِ (١٣).

فصل: ويَتَفرَّعُ من اللَّبَنِ قِسْمَانِ؛ ما ليس فيه غيرُه كالزُّبْدِ، والسَّمْنِ، والمَخِيضِ، واللِّبَأِ (١٤). وما فيه غيرُه. وكِلاهُما لا يَجوزُ بَيْعُه باللَّبَنِ؛ لأنَّه مُسْتَخْرَجٌ من اللَّبَنِ، فلم يَجُزْ بَيْعُه بأَصْلِه الذى فيه منه، كالحَيوانِ باللَّحْمِ، والسِّمْسِمِ بالشَّيْرَجِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وعن أحمدَ، أنَّه يجوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ بالزُّبْدِ، إذا كان الزُّبْدُ المُنْفَرِدُ أَكْثَرَ من الزُّبدِ فى اللَّبَنِ. وهذا يَقْتَضِى جَوازَ بَيْعِه به مُتَفَاضِلًا، ومَنْعَ جَوازِهِ مُتَماثِلًا. قال القاضِى: وهذه الرِّوايةُ لا تَخْرُجُ على المذهبِ؛ لأنَّ الشَّيْئَيْنِ إذا دَخَلَهُما الرِّبَا، لم يَجُزْ بَيْعُ أحَدِهِما بالآخَرِ، ومعه من غيرِ جِنْسِه، كَمُدِّ عَجْوَةٍ ودِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ. والصَّحِيحُ أنَّ هذه الرِّوايَةَ دالَّةٌ على جَوازِ البَيْعِ فى مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وكونُها مُخالِفَةً لِرِواياتٍ أُخَرَ لا يَمْنَعُ كَوْنَها رِوايَةً، كسائِرِ الرِّوايَاتِ المخالِفَةِ لغيرِها، لكنَّها مُخَالِفَةٌ لِظاهِرِ المذهبِ. والحُكْمُ فى السَّمْنِ كالحُكْمِ فى الزُّبْدِ. وأمَّا اللَّبَنُ بالمَخِيضِ الذى فيه زُبْدُه، فلا يجُوزُ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: اللَّبَنُ بالمَخِيضِ لا خَيْرَ فيه. ويَتَخَرَّجُ الجَوازُ كالتى قَبْلَها،


(١٠) فى الأصل: "لحمها".
(١١) فى الأصل: "لبنها".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى الأصل: "مصلحة".
(١٤) اللِّبَأ، كضِلَع: أول اللبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>