للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَثْبَتُوا أحْكَامَهُ، على أنَّه ليس بمُمْتَنِعٍ أن يُبَيِّنَه بَيَانًا خَاصًّا، أو يُبَيِّنَهُ بَيَانًا عَامًّا، فيُنْقَلُ نَقْلًا خَاصًّا، كصِفَةِ الأذَانِ والوِتْرِ والإِقامَةِ.

فصل: وحَرَمُ المَدِينَةِ ما بَيْنَ لَابَتَيْهَا؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ قال: قال رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ". وكان أبو هُرَيْرَةَ يقول: لو رَأَيْتُ الظِّبَاءَ تَرْتَعُ بِالمَدِينَةِ ما ذَعَرْتُها. مُتَّفَقٌ عليه (٢١). واللَّابَةُ: الحَرَّةُ، وهى أَرْضٌ فيها حِجَارَةٌ سُودٌ. قال أحمدُ: ما بين لَابَتَيْهَا حَرَامٌ". بَرِيدٌ فى بَرِيدٍ، كذا فَسَّرَهَ مَالِكُ بن أَنَسٍ. ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أنّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ حَوْلَ المَدِينَةِ اثْنَىْ عَشَرَ ميلًا حِمًى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٢). فأمَّا قَوْلُه: "مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إلَى عَيْرٍ". فقال أهْلُ العِلْمِ بالمَدِينَةِ: لا نَعْرِفُ بها ثَوْرًا ولا عَيْرًا. وإنَّما هما جَبَلَانِ بِمَكَّةَ، فيَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَادَ قَدْرَ ما بين ثَوْرٍ وعَيْرٍ، ويَحْتَمِلُ أنَّه أَرَادَ جَبَلَيْنِ بِالمَدِينَةِ (٢٣)، وسَمَّاهُمَا ثَوْرًا وعَيْرًا، تَجَوُّزًا.

فصل: فمن فَعَلَ ممَّا حُرِّمَ عليه شيئًا، ففيه رِوَايتَانِ: إحْدَاهما، لا جَزَاءَ فيه. وهذا قولُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ. وهو قَوْلُ مَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ فى الجَدِيدِ؛ لأنَّه مَوْضِعٌ يجوزُ دُخُولُه بغيرِ إحْرامٍ، فلم يَجِبْ فيه جَزَاءٌ، كصَيْدِ وَجّ (٢٤). والثانية، يَجِبُ


(٢١) أخرجه البخارى، فى: باب حرم المدينة، من كتاب المحصر وجزاء الصيد. صحيح البخارى ٣/ ٢٦. ومسلم، فى: باب فضل المدينة، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم ٢/ ٩٩٩، ١٠٠٠.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب فى فضل المدينة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٧٧. وابن ماجه، فى: باب فضل المدينة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٣٦. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى حرم المدينة، من كتاب الحجّ. السنن الكبرى ٥/ ١٩٦.
وقول أبي هُرَيْرَة عند مسلم والبيهقى.
(٢٢) فى: باب فضل المدينة، من كتاب الحجّ. صحيح مسلم ٢/ ١٠٠٠.
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) وج: يأتى تفسيره قبل المسألة ٦٠٤، صفحة ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>