للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخْذَ بها، كالأجْنَبِىِّ، وإنَّما يَأْخُذُ بها الصَّبِىُّ إذا كَبِرَ. ولا يَصِحُّ هذا (٧)؛ لأنَّه خِيَارٌ جُعِلَ لإِزَالةِ الضَّرَرِ عن المالِ، فمَلَكَهُ الوَلِىُّ في حَقِّ الصَّبِىِّ، كالرَّدِّ بالعَيبِ، وقد ذَكَرْنا فَسَادَ قِيَاسِه فيما مَضَى. فإن تَرَكَها الوَلِىُّ مع الحَظِّ فَلِلصَّبِىِّ الأَخْذُ بها إذا كَبِرَ، ولا يَلْزَمُ الوَلِيَّ لذلك غُرْمٌ؛ لأنَّه لم يُفَوِّتْ شَيْئًا من مَالِه، وإنَّما تَرَكَ تَحْصِيلَ مالَهُ الحَظُّ فيه، فأَشْبَهَ ما لو تَرَكَ شِرَاءَ العَقَارِ له (٨) مع الحَظِّ في شِرَائِه، وإن كان الحَظُّ في تَرْكِها، مثل أن يكونَ المُشْتَرِى قد غُبِنَ، أو كان في الأخْذِ بها يَحْتاجُ إلى أن يَسْتَقْرِضَ وَيَرْهَنَ مالَ الصَّبِىِّ، فليس له الأخْذُ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ فِعْلَ ما لا حَظَّ لِلصَّبِىِّ فيه. فإن أَخَذَ، فهل يَصِحُّ؟ على رِوَايَتَيْنِ؛ إحْداهما، لا يَصِحُّ، ويكون باقِيًا على مِلْكِ المُشْتَرِى؛ لأنَّه اشْتَرَى له ما لا يَمْلِكُ شِرَاءَه، فلم يَصِحَّ، كما لو اشْتَرَى بزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنِ المِثْلِ، أو اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَه، ولا يَمْلِكُ الوَلِيُّ المَبِيعَ؛ لأنَّ الشُّفْعةَ تُؤْخَذُ بِحَقِّ الشَّرِكَةِ، ولا شَرِكَةَ لِلْوَلِيِّ، ولذلك لو أرَادَ الأَخْذَ لِنَفسِه، لم يَصِحَّ، فأَشْبَهَ ما لو تَزَوَّجَ لغيرِه بغيرِ إِذْنِه، فإنَّه يَقَعُ باطِلًا، ولا يَصِحُّ لواحدٍ منهما، كذا ههُنا. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. والرواية الثانية، يَصِحُّ الأَخْذُ لِلصَّبِىِّ؛ لأنَّه اشْتَرَى (٩) له ما يَنْدَفِعُ عنه الضَّرَرُ به، فصَحَّ، كما لو اشْتَرَى مَعِيبًا لا يَعْلَمُ عَيْبَه، والحَظُّ يَخْتَلِفُ ويَخْفَى، فقد يكونُ له حَظٌّ في الأخْذِ بأكْثَرَ من ثَمَنِ المِثْلِ (٧)، لِزِيادَةِ قِيمَةِ مِلْكِه والشِّقْصِ الذي يَشْتَرِيه بِزَوالِ الشَّرِكَة، أو لأنَّ الضَّرَرَ الذي (١٠) يَنْدَفِعُ بأخْذِه كَثِيرٌ، فلا يُمْكِنُ اعْتِبارُ الحَظِّ بِنَفسِه لِخفَائِه، ولا بِكَثْرةِ الثمَنِ لما ذَكَرْناه، فسَقَطَ اعْتِبارُه، وصَحَّ البَيْعُ.

فصل: وإذا باعَ وَصِىُّ الأَيْتامِ، فباعَ لأَحَدِهِم نَصِيبًا في شَرِكَةِ الآخَرِ (١١)، كان له


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) سقط من: م.
(٩) في م: "يشترى".
(١٠) سقط من: ب.
(١١) في ب، م: "آخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>