للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهم فَسَدَتِ الصَّلَاةُ. قال: لستُ أقولُ بهذا. ولأنَّ صَلَاتَه (٢٥) إنَّما تَرْتَبِطُ بِصَلاةِ إمامِه، فلا يَضُرُّ وُجُودُ مَعْنًى في غيرِه، كالحَدَثِ أو كَوْنِه أُمِّيًّا. وعنه: تُعَادُ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ.

فصل: وإن لم يَعْلَمْ فِسْقَ إمامِهِ، ولا بِدْعَتَه، حتى صَلَّى معه، فإنَّه يُعِيدُ. نَصَّ عليه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا إعادةَ عليه؛ لأنَّ ذلك ممَّا يَخْفَى، فأشْبَهَ المُحْدِثَ والنَّجِسَ. والصَّحِيحُ أنَّ هذا يُنْظَرُ فيه، فإن كان مِمَّنْ يُخْفِى بِدْعَتَهُ وفُسُوقَه، صَحَّتِ الصلاةُ خَلْفَه، لما ذَكَرْنَا في أوَّل المَسْأَلَةِ، وإن كان مِمَّنْ يُظْهِرُ ذلك، وَجَبَتِ الإِعادةُ خَلْفَه، على الرِّوَايَةِ التي تَقولُ بِوُجُوبِ إعادَتِها خَلْفَ المُبْتَدِعِ؛ ولأنَّه مَعْنًى يَمْنَعُ الائْتِمامَ، فاسْتَوَى فيه العِلْمُ وعَدَمُه, كما لو كان أُمِّيًّا، والحَدَثُ والنَّجاسةُ يُشْتَرَطُ خَفَاؤُهُما على الإِمامِ والمَأْمُومِ معا، ولا يَخْفَى على الفَاسِقِ فِسْقُ نَفْسِه، ولأنَّ الإِعادةَ إنَّما تَجِبُ خَلْفَ مَن يُعْلِنُ بِبِدْعَتِه، وليْس ذلك في مَظِنَّةِ الخَفاءِ، بِخِلافِ الحَدَثِ والنَّجاسَةِ.

فصل: وإنْ لم يَعْلَمْ حالَهُ ولم يَظْهَرْ منه ما يَمْنَعُ الائْتِمَامَ به، فصلاةُ المَأْمُومِ صَحِيحَةٌ. نَصَّ عليه أحْمدُ؛ لأنَّ الأصْلَ في المُسْلمين السَّلَامةُ. ولو صَلَّى خَلْفَ من يَشُكُّ في إسْلامِه، فصلاتُه صَحِيحَةٌ؛ لأن الظَّاهِرَ أنَّه لا يَتَقَدَّمُ للإِمامةِ إلَّا مُسْلِمٌ.

فصل: فأمَّا المُخَالِفُونَ في الفُرُوعِ كأصْحابِ أبى حَنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، فالصلاةُ خَلْفَهم صَحِيحَةٌ غيرُ مَكْرُوهَةٍ. نَصَّ عليه أحمدُ؛ لأنَّ الصَّحابةَ والتَّابِعِينَ، ومَن بَعْدَهم لم يَزَلْ بَعْضُهم يَأْتَمُّ بِبَعْضٍ، مع اخْتِلَافِهِم في الفُرُوعِ، فكان ذلك إجْماعًا، ولأنَّ المُخَالِفَ إمَّا أن يكونَ مُصِيبًا في اجْتِهَادِه،


(٢٥) في الأصل: "الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>