للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٠٧ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ آلَى مِنْهَا, فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى طَلَّقَها, وانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ؛ ثُمَّ نَكَحَهَا, وَقَدْ بَقِىَ مِنْ مُدَّةِ الإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ, وُقِفَ لَهَا، كَمَا وَصَفْتُ)

وجملةُ الأمرِ أَنَّ المُولِىَ إذا أبانَ زوجتَه، انْقَطعتْ مُدَّةُ الإِيلاءِ، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه سَواءٌ بانَتْ بفَسْخٍ، أو طَلاقِ ثلاثٍ، أو بخُلْعٍ، أو بانْقِضاءِ عِدَّتِها مِن (١) الطَّلاقِ الرَّجْعِىِّ؛ لأنَّها صارتْ أجْنبيَّةً منه، ولم يَبْقَ شىءٌ من أحْكامِ نكاحِها. فإنْ عادَ فتزوَّجَها، عادَ حكمُ الإِيلاءِ من حينَ تزوَّجَها، واستُؤْنِفَتِ المدَّةُ حينئِذٍ، فإنْ كانَ الباقِى مِن مدَّةِ يَمِينِه (٢) أربعةَ أشهرٍ فما دُونَ، لم يَثْبُتْ حُكْمُ الإِيلاءِ؛ لأنَّ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ أربعةُ أشهرٍ، وإن كان أكثرَ من أربعةِ أشهرٍ، تَرَبَّصَ أربعةَ أشهرٍ، ثم وُقِفَ لها، فإمَّا أَنْ يَفِىءَ، أو يُطَلِّقَ، وإِنْ لم يُطَلِّقْ، طلَّقَ الحاكمُ عليه. وهذا قولُ مالِكٍ. وقال أبو حَنِيفَةَ: إنْ كان الطَّلاقُ أقلَّ مِن ثلاثٍ، ثم تَرَكَها حتى انْقَضَتْ عدَّتُها، ثم نَكَحَها، عاد الإِيلاءُ، وإنِ اسْتَوْفَى عَدَدَ الطَّلاقِ، لم يَعُدِ الإِيلاءُ؛ لأنَّ حُكْمَ النِّكاحِ الأوَّلِ زالَ بالكُلِّيَّةِ، ولهذا تَرْجِعُ إليه على طلاقِ ثلاثٍ، فصارَ إيلاؤه فى النِّكاحِ الأوَّلِ كإيلائِه مِن أجْنبيَّةٍ. وقالَ أصحابُ الشَّافِعِىِّ: يتَحَصَّلُ مِن أقوالِه ثلاثةُ أقاويلَ؛ قولانِ كالمذهبَيْنِ، وقولٌ ثالِثٌ: لا يعودُ حُكْمُ الإِيلاءِ بحالٍ. وهو قولُ ابْنِ المُنْذِرِ؛ لأنَّها صارَتْ بِحالٍ لو آلَى منها لم يَصِحَّ إيلاؤُه، فبَطَلَ حكمُ الإِيلاءِ منها، كالمُطلَّقة ثلاثًا. ولَنا، أنَّه مُمْتَنِعٌ مِن وَطْءِ امرأتِه بِيَمينٍ فى حالِ نِكاحِها، فثَبَتَ له حُكْمُ الإِيلاءِ، كما لو لم يُطلِّقْ، وفارَقَ الإِيلاءَ من الأجْنبيَّةِ؛ فإنَّه لا يَقْصِدُ باليَمِينِ عليها الإِضرارَ بها، بخلافِ مسألتِنا.

فصل: ولو آلَى من امرأتِه الأَمَةِ، ثم اشتَرَاها، ثمَّ أعْتَقَهَا، وتَزَوَّجَها، عادَ


(١) فى م زيادة: "حين".
(٢) فى أ: "الإيلاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>