للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضُ أصْحابِ الشّافِعِىِّ: يَرُدُّ الخَلِّ، ولا يَسْتَرْجِعُ القِيمةَ؛ لأنَّ العَصِيرَ تَلِفَ بِتَخَمُّرِه، فوَجَبَ ضَمَانُه وإن عَادَ خَلًّا، كما لو هَزَلَتِ الجارِيَةُ السَّمِينَة ثم عَادَ سِمَنُها، فإنَّه يَرُدُّها وأَرْشَ نَقْصِها. ولَنا، أنَّ الخَلَّ عَيْنُ العَصِيرِ، تَغَيَّرَتْ صِفَتُه، وقد رَدَّهُ، فكان له اسْتِرْجَاعُ ما أدَّاهُ بَدَلًا (٨) عنه، كما لو غَصَبَهُ فغَصَبَهُ منه غاصِبٌ ثم رَدَّهُ عليه، وكما لو غَصَبَ حَمَلًا فصَارَ كَبْشًا. أما السِّمَنُ الأَوَّلُ فلَنا فيه مَنْعٌ، وإن سَلَّمْناه فالثانى غيرُ الأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.

فصل: وإذا غَصَبَ شيئا بِبَلَدٍ، فلَقِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ، فطَالَبَهُ به، نَظَرْتَ؛ فإن كان أَثْمانًا، لَزِمَهُ دَفْعُهُما إليه؛ لأنَّ الأَثْمانَ قِيَمُ الأَشْياءِ، فلا يَضُرُّ اخْتِلَافُ قِيمَتِها، وإن كان (٩) غيرَها وكان (٩) من المِثْلِيَّاتِ وقِيمَتُهُ في البَلَدَيْنِ واحِدَةٌ، أو كانت قِيمَتُه في بَلَدِ الغَصْبِ أكْثَرَ، لَزِمَهُ أدَاءُ مِثْلِه؛ لأنَّه لا ضَرَرَ عليه. وكذلك إن كانت قِيمَتُه مُخْتَلِفَةً إلَّا أنَّه لا مُؤْنَةَ لِحَمْلِه، فله المُطَالَبَةُ بمِثْلِه؛ لأنَّه أمْكَنَهُ رَدُّ المِثْلِ من غير ضَرَرٍ يَلْحَقُه. وإن كان لِحَمْلِه مُؤْنَةٌ، وقِيمَتُه في البَلَدِ الذي غَصَبَهُ فيه أقَلَّ، فليس عليه رَدُّهُ ولا رَدُّ مِثْلِه؛ لأنَّنا لا نُكَلِّفُه مُؤْنَةَ النَّقْلِ إلى بَلَدٍ لا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَه فيه، ولِلْمَغْصُوبِ منه الخِيَرَةُ بين الصَّبْرِ إلى أن يَسْتَوْفِيَهُ في بَلَدِه، وبينَ المُطَالَبَةِ في الحال بِقِيمَتِه في البَلَدِ الذي غَصَبَهُ فيه؛ لأنَّه تَعَذَّرَ رَدُّه ورَدُّ مثلِه. وإن كان من المُتَقَوَّمَاتِ، فله المُطَالَبَةُ بِقِيمَتِه في البَلَدِ الذي غَصَبَه فيه، ومتى قَدَرَ على رَدِّ العَيْنِ المَغْصُوبَةِ، رَدَّها، واسْتَرْجَعَ بَدَلَها، على ما ذَكَرْناهُ في المَسْأَلَةِ قبلَ هذا.

٨٦٨ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ غَصَبَها حَامِلًا، فوَلَدَتْ في يَدِه، ثُمَّ ماتَ الوَلَدُ، أخَذَها سَيِّدُها وقِيمَةَ وَلَدِهَا، أكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَتُه)

الكلامُ في هذه المَسْأَلَةِ في أمْرَيْنِ؛ أحَدِهما، أنَّه إذا غَصَبَ حامِلًا من الحَيَوانِ،


(٨) سقط من: ب.
(٩) في م: "كانت".

<<  <  ج: ص:  >  >>