للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْلِمًا. قال أحمدُ، في أَمَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ، وَلَدَتْ من فُجُورٍ: وَلَدُها مُسْلِمٌ؛ لأنَّ أبَوَيْه يُهَوِّدَانِه ويُنَصِّرَانِه، وهذا ليس معه إلَّا أُمُّهُ. وإذا لم يكُنْ لهذا الوَلَدِ حالٌ يَحْتَمِلُ أن يُقَرَّ فيها على دِينٍ لا يُقَرُّ أهْلُه عليه، فكَيْفَ يُرَدُّ إلى دارِ الحَرْبِ.

فصل: إذا جَنَى اللَّقِيطُ جِنَايةً تَحْمِلُها العاقِلَةُ، فالعَقْلُ على بَيْتِ المالِ؛ لأنَّ مِيرَاثَه له، ونَفَقَتَه عليه. وإن جَنَى جِنَايةً لا تَحْمِلُها العاقِلَةُ، فحُكْمُه فيها حُكْمُ غيرُ (٦) اللَّقِيطِ؛ إن كانت تُوجِبُ القِصَاصَ وهو بالِغٌ عاقِلٌ، اقْتُصَّ منه، وإن كانت مُوجِبَةً للمالِ وله مالٌ، اسْتُوْفِىَ منه، وإلَّا كان في ذِمَّتِه حتى يُوسِرَ. وإن جُنِىَ عليه في النَّفْسِ جِنَايةً تُوجِبُ الدِّيَةَ، فهى لِبَيْتِ المالِ؛ لأنَّه وارِثُه. وإن كان عَمْدًا مَحْضًا، فالإِمامُ مُخَيَّرٌ بين اسْتِيفاءِ القِصَاصِ إن رَآهُ أحَظَّ لِلْمَلَاقِيطِ، والعَفْوِ على مالٍ. وبهذا قال الشافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأبو حنيفةَ، إلَّا أنَّه يُخَيِّرُه بين القِصَاصِ والمُصَالَحةِ؛ وذلك لقولِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَالسُّلْطَانُ وَلِىُّ مَنْ لا وَلِىَّ لَهُ" (٧). وإن جُنِىَ عليه فيما دون النَّفْسِ جِنَايَةً تُوجِبُ الأَرْشَ قبلَ بُلُوغِه، فلِوَلِيِّهِ أخْذُ الأَرْشِ. وإن كانت عَمْدًا مُوجِبَةً للقِصَاصِ، ولِلَّقِيطِ مالٌ يَكْفِيه، وَقَفَ الأمْرُ على بُلُوغِه لِيَقْتَصَّ أو يَعْفُوَ، سواءٌ كان عاقِلًا أو مَعْتُوهًا. وإن لم يكُنْ له مالٌ، وكان عاقِلًا، انْتُظِرَ بُلوغُه أيضًا، وإن كان مَعْتُوهًا فَلِلْوَلِيِّ العَفْوُ على مالٍ يَأْخُذُه له؛ لأنَّ المَعْتُوهَ ليس له حالٌ مَعْلُومةٌ مُنْتَظَرَةٌ، فإنَّ ذلك قد يَدُومُ به، والعاقِلُ له حالٌ مُنْتَظَرَةٌ، فافْتَرَقَا. وفى الحال التي يَنْتَظِرُ بُلُوغَه، فإنَّ الجانِىَ يُحْبَسُ حتى يَبْلُغَ اللَّقِيطُ، فيَسْتَوْفِىَ لِنَفْسِه. وهذا مذهبُ الشافِعِيِّ، وقد


(٦) سقط من الأصل. وورد في م: "غير حكم".
(٧) أخرجه أبو داود، في: باب الولى، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٤٨١. والترمذي، في: باب ما جاء لا نكاح إلا بولى، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ١٣. وابن ماجه، في: باب لا نكاح إلا بولى، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٥. والدارمي، في: باب النهى عن النكاح بغير ولى، من كتاب النكاح. سنن الدارمي ٢/ ١٣٧. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٥٠، ٦/ ٤٧، ٦٦، ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>