للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخَرِ، فللآخرِ قَتْلُ العافِى، ويرِثُه فى الظّاهِرِ. وإِنْ بادرَ أحدُهما فقتلَ أخاه، سَقَطَ القِصاصُ عنه، وورِثَه فى الظَّاهرِ عنه، ويَحْتملُ ألَّا يرِثَه، ويَجِبُ القِصاصُ عليه بقتْلِه، لأنَّ القِصَاصَيْن لما تسَاويا، وتعذَّرَ الجمعُ بين استيفائهما، سَقَطا، فلم يَبْقَ لهما حُكْمٌ، فيكونُ المُسْتَوفِى منهما مُعْتَدِيًا باسْتيفائِه، فلا يَرِثُ أخاه، ويجبُ القِصاصُ عليه بقتْلِه. وإِنْ أشْكَلَ كيْفيَّةُ مَوْتِ الأبوَين، وادَّعى كلُّ واحدٍ منهما أنَّ قَتِيلَه أوَّلُهما موتًا، خُرّجَ فى تَوْريثِهما، ما ذَكَرْناه فى الغَرْقَى، من تَوْريثِ كلِّ واحدٍ من المَيِّتيْنِ من الآخَرِ، ثم يَرِثُ كلُّ واحدٍ منهما بَعْضَ دمِ نَفْسِه، فيسْقُطُ القِصاصُ عنهما. ومن لا يَرَى ذلك، فالجوابُ فيها كالتى قبلَها. ويَحْتَمِلُ أن يَسْقُطَ القِصاصُ بكلِّ حالٍ؛ للشُّبْهَةِ، وأنْ (٩) يكونَ لكلِّ واحدٍ دِيَةُ الآخرِ ومالُه.

١٠٤٤ - مسألة؛ قال: (وَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، إلَّا أنْ يَكُونَ مُعْتَقًا، فَيَأْخُذَ مَالَهُ بِالْوَلَاءِ)

أجْمعَ أهلُ العِلْمِ على أَنَّ الكافِرَ لا يَرِثُ المُسْلِمَ. وقالَ جمهورُ الصَّحابةِ والفقهاءُ: لا يَرِثُ المسلمُ الكافِرَ. يُرْوَى هذا عن أبى بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلىٍّ، وأُسامةَ بنِ زيدٍ، وجابرِ بن عبدِ اللَّهِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال عمرو بنُ عثمانَ (١)، وعُرْوَةُ، والزُّهْرِىُّ، وعطاءٌ، وطاوسٌ، والحسنُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وعَمرو بنُ دينارٍ، والثَّورِىُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُه، ومالكٌ، والشّافِعىُّ، وعامةُ الفقهاءِ. وعليه العَمَلُ. ورُوِى عن عمرَ، ومُعاذٍ، ومعاويةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، أنَّهم ورَّثوا المسلمَ من الكافرِ، ولم يُوَرِّثُوا الكافرَ من المسْلمِ. وحُكِىَ ذلك عن محمدِ بنِ الحَنفِيَّةِ، وعلىِّ بنِ الحسينِ، وسعيدِ بنِ المسيَّب، ومَسْروقٍ، وعبدِ اللَّه بن مَعْقِلٍ، والشَّعبىِّ، والنَّخَعِىِّ، ويحيى بنِ يَعْمُرَ، وإسحاقَ. وليس بموثوقٍ به عنهم. فإنّ أحمدَ قال: ليس بين النّاسِ


(٩) سقط من: الأصل، أ.
(١) عمرو بن عثمان بن عفان الأموى، من كبار التابعين، ثقة. تهذيب التهذيب ٨/ ٧٨، ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>