للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن وَصَّى بالحَمْلِ المَوْجُودِ، اعْتُبِرَ وُجُودُه كما (١٠) في حَمْلِ الأمَةِ بما يُعْتَبَرُ وُجُودُ الحَمْلِ المُوصَى له. وإن كان حَمْلَ بَهِيمةٍ، اعْتُبِرَ وُجُودُه بما يَثْبُتُ به وُجُودُه في سائِرِ الأحْكامِ.

فصل: وإذا أَوْصَى لما تَحْمِلُ هذه المَرْأَةُ، لم يَصِحَّ. وقال بعضُ أصْحابِ الشافِعيِّ: يَصِحُّ، كما تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بما تَحْمِلُ هذه الجارِيَةُ. ولَنا، أنَّ الوَصِيّةَ تَمْلِيكٌ، فلا تَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ، بخِلَافِ المُوصَى به، فإنَّه يُمْلَكُ، فلم يُعْتَبَرْ وُجُودُه، ولأنَّ الوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مُجْرَى المِيرَاثِ، ولو ماتَ إنْسانٌ لم يَرِثْهُ من الحَمْلِ إلَّا مَنْ كان مَوْجُودًا، كذلك الوَصِيَّةُ. ولو تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ مالٌ بعد مَوْتِه، بأن يَسْقُطَ في شَبَكَتِه صَيْدٌ، لَوَرِثَهُ وَرَثَتُه، ولذلك قَضَيْنَا بثُبُوتِ الإِرْثِ في دِيَتِه، وهى تَتَحَدَّدُ بعد مَوْتِه، فجازَ أَنْ تُمْلَكَ بالوَصِيَّةِ. فإن قيل: فلو وَقَفَ على مَنْ يَحْدُثُ مِن وَلَدِه أو وَلَدِ فُلانٍ صَحَّ، فالوَصِيّةُ أَوْلَى؛ لأنَّها تَصِحُّ بالمَعْدُومِ والمَجْهُولِ، بخِلَافِ الوَقْفِ. قُلْنا: الوَصِيَّةُ أُجْرِيَتْ مُجْرَى المِيرَاثِ، ولا يَحْصُلُ المِيرَاثُ إلَّا لِمَوْجُودٍ، فكذا الوَصِيَّةُ، والوَقْفُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، فمن ضَرُورَتِه إثْباتُه لِلْمَعْدُومِ.

فصل: وإذا أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأةٍ، فوَلَدَتْ ذَكَرًا وأُنْثَى، فالوَصِيَّةُ لهما بالسَّوِيَّةِ؛ لأنَّ ذلك عَطيَّةٌ وهِبَةٌ، فأشْبَهَ ما لو وَهَبَهُما شَيْئًا بعدَ وِلَادَتِهِما. وإن فاضَلَ بينهما، فهو على ما قال، كالوَقْفِ. وإن قال: إن كان في بَطْنِها غُلَامٌ فله دِينَارانِ، وإن كان فيه جارِيَةٌ فلها دِينارٌ. فوَلَدَتْ غُلَامًا وجارِيَةً، فلكلِّ واحدٍ منهما ما وَصَّى له به؛ لأنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فيه. وإن وَلَدَتْ أحَدَهُما مُنْفَرِدًا، فله وَصِيَّتُه. ولو قال: إن كان حَمْلُها، أو إن كان ما في بَطْنِها غُلَامًا، فله دِينارَانِ، وإن كانت جارِيَةً فلها دِينارٌ. فوَلَدَتْ أحَدَهُما مُنْفَرِدًا، فله وَصِيَّتُه. وإن وَلَدَتْ غُلَامًا وجارِيَةً، فلا شىءَ لهما؛ لأنَّ


(١٠) سقط من: أ، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>