للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْدَمِلْ، ومات من ذلك، فالجانِى شَرِيكُ نفسِه، فيَحْتَمِلُ وُجوبَ القِصاصِ عليه، ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ بحالٍ؛ لأنَّ فِعْلَ المَجْنِى عليه (٧)، إنَّما قَصَدَ به المَصْلحةَ، فهو عَمْدُ الخَطَإِ، وشَرِيكُ الخاطىءِ لا قِصاصِ عليه، ويكونُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ. وإن قَطَعَ المَجْنِىُّ عليه مَوْضِعَ الأكِلَةِ، نَظَرْتَ؛ فإن قَطَعَ لَحْمًا مَيِّتًا، ثم سَرَتِ الجنايةُ، فالقِصاصُ على الجانِى؛ لأنَّه سِرَايةُ جُرْحِه خاصَّةً، وإن كان في لَحْمٍ حَىٍّ، فمات، فالحكمُ فيه كما لو قَطَعَها خَوْفًا من سِرَايَتِها.

فصل: وإذا قَطَعَ أُنْمُلةً لها طَرَفانِ، إحْداهما زائدةٌ والأُخْرَى أصْلِيَّةٌ، فإن كانت أنْمُلةُ القاطِعِ ذاتَ طَرَفَيْنِ أيضًا، أُخِذَتْ بها، وإن لم تكُنْ ذاتَ طَرَفَيْنِ. قُطِعَتْ، وعليه حُكومةٌ في الزَّائدةِ. وإن كانت المَقْطوعةُ ذاتَ طرفٍ واحدٍ، وأُنْمُلةُ القاطِعِ ذاتُ طَرَفَيْنِ، أُخِذَتْ بها، في قولِ ابنِ حامدٍ. وعلى قولِ غيرِه؛ لا قِصاصَ فيها، وله دِيَةُ أُنْمُلَتِه. وإن ذَهَبَ الطَّرَفُ الزَّائدُ، فله الاسْتِيفاءُ. وإن قال: أنا أصْبِرُ حتى يَذْهَبَ الزَّائدُ ثم أقْتَصُّ. فله ذلك؛ لأنَّ القِصاصَ حَقُّه، فلا يُجْبَرُ على تَعْجِيلِ اسْتِيفائِه.

فصل: ولو قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ العُلْيَا، ثم قَطَعَ أُنْمُلةَ آخَرَ الوُسْطَى، ثم قَطَعَ السُّفْلَى من ثالثٍ، فللأَوَّلِ القِصاصُ من العُلْيَا، ثم للثاني أن يَقْتَصَّ من الوُسْطَى، ثم للثالثِ أن يَقْتَصَّ من السُّفْلَى، سواءٌ جاءُوا دَفْعةً واحدةً، أو واحدًا بعدَ واحدٍ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا قِصاصَ إلَّا في العُلْيَا؛ لأنَّه لم يَجِبْ في غيرها حالَ الجِنايةِ، لتَعَذُّرِ اسْتِيفائِه، فلم يَجِبْ بعدَ ذلك كما لو كان غيرَ مُكَافىءٍ حالَ الجِنايةِ، ثم صار مُكافِئًا بعدَه. ولَنا، أنَّ تَعَذُّرَ القِصاصِ لاتصالِ مَحَلِّه بغيرِه لا يَمْنَعُه إذا زال الاتِّصالُ، كما لو جَنَتِ الحامِلُ. ويفارِقُ عَدَمَ التكافُؤِ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ لَمَعْنًى فيه، وههُنا تعذَّرَ لِاتِّصالِ غيرِه به. فأمَّا إن جاء صاحِبُ الوُسْطَى أو السُّفْلَى يَطْلُبُ القِصاصَ قبلَ صاحبِ العُلْيا، لم يُعْطِه؛ لأنَّ في اسْتِيفائِه إتْلافَ أُنْمُلَةٍ لا يَسْتَحِقُّها، وقيل لهما:


(٧) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>