للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنْكَرَها، فقال القاضى: القَوْلُ قَوْلُه؛ لما ذَكَرْنَا. وهذا أحَدُ الوُجُوهِ لأصْحابِ الشَّافِعِىِّ. وظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ، أَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ، سَوَاءٌ سَبَقَها بِالدَّعْوَى، أو سَبَقَتْهُ. وهو وَجْهٌ ثَانٍ لأصْحابِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ البَيْنُوَنَةُ، والأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فكان الظَّاهِرُ معها، ولأنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ سَابِقًا، قُبِلَ قَوْلُهُ مَسْبُوقًا، كسائِرِ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُه. ولهم وَجْهٌ ثَالِثٌ، أَنَّ القَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِكُلِّ حَالٍ؛ لأنَّ المَرْأَةَ تَدَّعِى ما يَرْفَعُ النِّكاحَ وهو يُنْكِرُه، فكان القَوْلُ قَوْلَهُ، كما لو ادَّعَى المُولِى والْعِنِّينُ إصَابَةَ امْرَأَتِهِ، فأنْكَرَتْهُ. وهذا لَا يَصِحُّ، فإِنَّهُ قد انْعَقَدَ سَبَبُ البَيْنُونَةِ، وهو مُفْضٍ إِليها، ما لم يُوجَدْ ما يَرْفَعُهُ ويُزِيلُ حُكْمَهُ، والأصْلُ عَدَمُهُ، فكان القَوْلُ [قَوْلَ] مَنْ يُنْكِرُهُ، بِخِلافِ ما قَاسُوا عليه. وإِنْ وَقَعَ القَوْلُ منهما جَمِيعًا، فلا رَجْعَةَ؛ لأَنَّ خَبَرَها بانْقِضَاء عِدَّتِهَا يكونُ بعدَها، فيكونُ قَوْلُهُ بعدَ العِدَّةِ، فلا يُقْبَلُ. قال أبو الخَطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بينهما فيكونَ القَوْلُ قَوْلَ مَنْ تَقَعُ له القُرْعَةُ. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ.

فصل: وإنِ اخْتَلَفا فِى الإِصابَةِ فقال: قد أَصَبْتُكِ، فلى رَجْعَتُكِ. فأنْكَرَتْهُ، أو قَالَتْ: قد أَصابِنَى، فلى المَهْرُ كَامِلًا. فالقَوْلُ قَوْلُ المُنْكِرِ منهما؛ لأنَّ الأَصْلَ معه، فلَا يَزُولُ إِلَّا بِيَقِينٍ، وليس له رَجْعَتُها فى المَوْضِعَيْنِ؛ لأنَّهُ أَنْكَرَ الإِصابَةَ، فهو يُقِرُّ على نَفْسِه بِبَيْنُونَتِهَا، وأَنَّهُ لا رَجْعَةَ له عليها. وإِنْ أنْكَرَتْها هى، فالقَوْلُ قَوْلُها، ولا تَسْتَحِقُّ إِلَّا نِصْفَ المَهْرِ فى المَوْضِعَيْنِ؛ [لأنَّها إِنْ أَنْكَرَتْها، فهى مُقِرَّةٌ أنَّها لا تَسْتَحِقُّ إِلَّا نِصْفَ المَهْرِ] (٢٨)، وإِنْ أنْكَرَها، فالقوْلُ قَوْلُه. هذا إِنْ كان غيرَ (٢٩) مَقْبُوضٍ، فإنْ كان اخْتِلَافُهما بعدَ قَبْضِها له، وادَّعَى إصابَتَها فأنْكَرَتْهُ، لم يَرْجِعْ عليها بشىءٍ؛ لأَنَّهُ يُقِرُّ لها به ولا يَدَّعِيهِ. وإِنْ كان هو المُنكِرَ، رَجَعَ عليها بِنِصْفِهِ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. فإنْ قِيلَ: فلِمَ قَبِلْتُمْ قَوْلَ المُولِى والعِنِّينِ فى الإِصَابَةِ، ولم


(٢٨) سقط من: الأصل.
(٢٩) سقط من: ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>