للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعْتَقَ عبدًا، فقال للنبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما تَرَى فِى مالِه؟ قال: "إنْ مَاتَ، ولَمْ يَدَعْ وَارِثًا (٧)، فَهُوَ لَكَ" (٨).

فصل: ويُقَدَّمُ المَوْلَى فى الميراثِ على الرَّدِّ وذَوِى الأرْحامِ، فِى قولِ جُمْهورِ العُلماءِ من الصَّحابةِ والتابعينَ ومَنْ بَعْدَهم، فإذا مات رَجُلٌ، وخَلَّفَ بِنْتَه ومَوْلاه، فلِبِنْتِه النصفُ، والباقى لِمَوْلاه. وإن خَلَّفَ ذا رَحِمٍ ومَوْلاه، فالمالُ لمَوْلاه دون ذى (٩) رَحِمِه. وعن عمرَ وعلىٍّ تَقْديمُ (١٠) الرَّدِّ على المَوْلَى. وعنهما وعن ابنِ مَسْعُودٍ تَقْدِيمُ ذَوِى (١١) الأرْحامِ على المَوْلَى. ولعَلَّهم يَحْتَجُّون بقولِ اللَّه تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللَّهِ} (١٢). ولَنا، حَدِيثُ عبدِ اللَّه بن شَدَّادٍ، وحديثُ الحسنِ، ولأنَّه عَصَبةٌ يَعْقِلُ عن مَوْلَاهُ، فيُقَدَّمُ على الرَّدِّ وذِى الرَّحِمِ، كابْنِ العَمِّ.

فصل: وإن كان لِلْمُعْتَقِ عَصَبةٌ من نَسَبِه، أو ذَوُو فَرْضٍ تَسْتَغْرِقُ فُروضُهم المالَ، فلا شىءَ لِلمَوْلَى. لا نعلمُ فى هذا خِلافًا؛ لما تقدَّم من الحَدِيثِ، ولقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بأهْلِها، فَمَا أبْقتِ الفُرُوضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (١٣). وفى لفْظٍ: "فلِأَوْلَى (١٤) عَصَبَةٍ ذَكَرٍ" (١٣). والعَصَبةُ من القَرابةِ أَوْلَى من ذى الوَلاءِ؛ لأنَّه مُشَبَّهٌ بالقَرابةِ، والمُشَبَّهُ به أقْوى من المُشَبَّهِ، ولأنَّ النَّسَبَ أقْوى من الوَلاءِ، بدَلِيلِ أنَّه يَتَعَلَّقُ به التَّحْريمُ والنَّفَقةُ وسُقُوطُ القِصَاصِ ورَدُّ الشّهادةِ، ولا يتعلَّق ذلك بالوَلَاءِ.


(٧) فى م: "إرثا".
(٨) أخرجه ابن ماجه، فى: باب من لا وارث له، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه ٢/ ٩١٥. بنحوه عن ابن عباس. والبيهقى، فى: باب ميراث الولاء، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى ٦/ ٢٤٠ "عن الحسن".
(٩) فى الأصل، أ: "ذوى".
(١٠) فى أ، م: "يقدم".
(١١) فى م: "ذى".
(١٢) سورة الأنفال ٧٥.
(١٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٢٠.
(١٤) فى م: "فللأولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>