للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرَ، أنَّه قال: من السُّنَّةِ أن تَدْلُكَ المَرْأةُ يَدَيْهَا فى حِنَّاءٍ. ولأنَّ هذا من زِينَةِ النِّسَاءِ، فَاسْتُحِبَّ عندَ الإحْرَامِ، كالطِّيبِ. ولا بَأْسَ بِالخِضَابِ فى حالِ إحْرَامِها. وقال القاضى: يُكْرَهُ؛ لِكَوْنِه من الزِّينَةِ، فأشْبَهَ الكُحْلَ بالإِثْمِدِ. فإنْ فَعَلَتْهُ (٢)، ولم تَشُدّ يَدَيْهَا بالْخِرَقِ، فلا فِدْيَةَ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وكان مالِكٌ ومحمدُ بنُ الحسنِ، يَكْرَهَانِ الخِضَابَ لِلْمُحْرِمَةِ، وأَلْزَمَاها الفِدْيَةَ. ولَنا، ما رَوَى عِكْرِمَةُ، أنَّه قال: كانتْ عائشةُ، وأزْوَاجُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَخْتَضِبْنَ بالحِنَّاءِ، وهُنَّ حُرُمٌ. ولأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، وليس هاهُنا دَلِيلٌ يَمْنَعُ من نَصٍّ ولا إجْمَاعٍ، ولا هى فى مَعْنَى المَنْصُوصِ (٣).

فصل: إذا أحْرَمَ الخُنْثَى المُشْكِلُ، لم يَلْزَمْهُ اجْتِنَابُ المَخِيطِ؛ لأنَّنَا لا نَتَيَقَّنُ الذُّكُورِيَّةَ المُوجِبَةَ لذلك. وقال ابنُ المُبَارَكِ: يُغَطِّى رَأْسَهُ ويُكَفِّرُ. والصَّحِيحُ أنَّ الكَفَّارَةَ لا تَلْزَمُهُ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُها، فلا نُوجِبُها بِالشَّكِّ. وإن غَطَّى وَجْهَهُ وَحْدَهُ، لم يَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لذلك. وإن جَمَعَ بين تَغْطِيَةِ وَجْهِه بِنِقَابٍ أو بُرْقُعٍ، وبين تَغْطِيَةِ رَأْسِه أو لُبْسِ المَخِيطِ على بَدَنِه لَزِمَتْهُ الفِدْيَةُ؛ لأنَّه لا يَخْلُو أن يَكُونَ رجلًا أو امْرَأَةً.

فصل: ويُسْتَحَبُّ لِلْمَرأَةِ الطَّوَافُ لَيْلًا؛ لأنَّه أسْتَرُ لها، وأقَلُّ لِلزِّحَامِ، فيُمْكِنُها أن تَدْنُوَ من البَيْتِ، وتَسْتَلِمَ الحَجَرَ. وقد رَوَى حَنْبَلٌ، في "المَنَاسِكِ" بإسْنَادِه عن أبي الزُّبَيْرِ، أنَّ عائشةَ كانتْ تَطُوفُ بعد العِشاءَ أُسْبُوعًا أو أُسْبُوعَيْنِ، وتُرْسِلُ إلى أهْلِ المَجَالِسِ فى المَسْجِدِ: ارْتَفِعُوا إلى أهْلِيكُم، فإنَّ لهم عَلَيْكُمْ حَقًّا. وعن محمدِ بن السَّائِبِ بن بَرَكَةَ، عن أُمِّهِ، عن عائشةَ، أَنَّها أرْسَلَتْ إلى


(٢) فى الأصل، أ: "فعلت".
(٣) فى ازيادة: "عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>