للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه مُكافِئًا للجانى بحيثُ يُقادُ به لو قَتَلَه. والثالث، أن يكونَ الطَّرَفُ مُساوِيًا (٣) للطَّرَفِ، فلا يُؤْخَذُ صَحِيحٌ بأشَلَّ، ولا كاملِةُ الأصابِعِ بناقِصَةٍ، ولا أصْلِيةٌ بزائدةٍ، ولا يُشْتَرَطُ التَّساوِى في الدِّقَّةِ والغِلَظِ، والصِّغَرِ والكِبَرِ، والصِّحّةِ والمَرَضِ؛ لأنَّ اعتبارَ ذلك يُفْضِى إلى سُقُوطِ القِصاصِ بالكُلِّيةِ. والرابع، الاشْتِراكُ في الاسْمِ الخاصِّ، فلا تُؤْخَذُ يَمِينٌ بيَسارٍ، ولا يسارٌ بيمينٍ، ولا إصْبَعٌ بمُخالفةٍ لها، ولا جَفْنٌ أو شَفَةٌ إلَّا بمثلِها. والخامس، إمْكانُ الاسْتِيفاءِ من غير حَيْفٍ، وهو أن يكونَ القَطْعُ من مَفْصِلٍ، فإن كان من غيرِ مَفْصِلٍ فلا قِصاصَ فيه من موضعِ القَطْعِ، بغير خِلافٍ نَعْلَمُه. وقد رَوَى [نِمْرَانُ ابن جَارِيَةَ] (٤)، عن أبيه، أنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رجلًا على ساعِدِه بالسَّيْفِ، فقَطَعَهما من غير مَفْصِلٍ، فاسْتَعْدَى عليه النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمَرَ له بالدِّيَةِ، فقال (٥): إنِّي أُرِيدُ القِصاصَ. قال: "خُذِ الدِّيَةَ، بارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا". ولم يَقْضِ له بالقِصاصِ. رَوَاه ابنُ ماجَه (٦).

فصل: وفى قَطْعِ اليَد ثمانِ مسائلَ؛ أحدها، قَطع الأصابع من مَفاصِلِها، فالقِصاصُ واجبٌ؛ لأنَّ لها مَفاصِلَ، ويُمْكِنُ القِصاصُ من غير حَيْفٍ، وإن اخْتار الدِّيةَ فله نِصْفُها؛ لأنَّ في كلِّ إصْبَعٍ عُشْرَ الدِّيةِ. الثانية، قَطعها من نِصْفِ الكَفِّ، فليس له القِصاصُ من موضعِ القَطْعِ؛ لأنَّه ليس بمَفْصِلٍ، فلا يُؤْمَنُ الحَيْفُ فيه. وإن أراد قَطْعَ الأصابعِ ففيه وَجْهان؛ أحدهما، ليس له ذلك. وهذا اخْتيارُ أبى بكرٍ؛ لأنَّه يَقْتَصُّ من غيرِ مَوْضعِ الجِنايةِ، فلم يَجُزْ، كما لو كان القَطْعُ من الكُوعِ، يُحَقِّقُه أنَّ امْتِناعَ قَطْعِ الأصابعِ إذا قَطَعَ من الكُوعِ، إنَّما كان لعَدَمِ المُقْتَضِى، أو وُجُودِ مانعٍ، وأَيُّهما كان فهو مُتَحَقِّقٌ إذا كان القَطْعُ من نِصْفِ الكَفِّ. والثانى، له قَطْعُ الأصابعِ. ذكَره أصحابُنا. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه يأخُذُ دون حَقِّه لعَجْزِه عن


(٣) في ب، م: "متساويا".
(٤) في الأصل، ب: "نمران بن جابر". وفي م: "نمر بن جابر". والتصحيح من السنن.
(٥) في م: "قال".
(٦) في: باب ما لا قود فيه، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>