للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاتَيْنِ. وهو مذهبُ أبى ثَوْرٍ. والصَّحِيحُ جَوَازُ الجَمْع؛ [لما ذَكَرْنَا مِن الأدِلَّةِ، ولأنَّ ما أبَاحَ فَرْضَيْنِ فَائِتَيْن ما أبَاحَ (١٢) فَرْضَيْنِ في الجَمْعِ] (١٣)، كسائِرِ الطَّهَارَاتِ. وقال الْمَاوَرْدِيُّ: ليسَ لِلْمُتَيَمِّمِ أنْ يَجْمَعَ بينَ صلَاتيْنِ بِحَالٍ؛ لأنَّ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ تَفْتَقِرُ إلى تَيَمُّمٍ، والتَّيَمُّمُ يفَتْقِرُ إلى طَلَبٍ، والطَّلَبُ يَقْطَعُ الجَمْعَ، ومِنْ شَرْطِهِ المُوَالَاةُ - يَعْنِى على مذهَبِ الشَّافِعِىِّ - وهذا يَنْبَغِى أنْ يَتَقَيَّدَ بالجَمْعِ في وَقْتِ الأُولَى، فأمَّا الجَمْعُ في وَقْتِ الثَّانِية، فلا تُشْتَرَطُ له المُوَالَاةُ في الصَّحِيحِ.

فإنْ قِيل: فكيفَ يُمْكِنُ قضاءُ الفَوَائِتِ، والتَّرْتِيبُ شَرْطٌ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الفَائِتَةِ على الحَاضِرَةِ، فَكَيْفَ تَتَأَخَّرُ الفَائِتَةُ عنها؟ قُلْنا: يُمْكِنُ ذلك لِوُجُوهٍ: أحدُها، أنْ يُقَدِّمَ الفَائِتَةَ على الحَاضِرَةِ. الثاني، أنْ يَنْسَى الفَائِتَةَ، ثم يذكرَها بعدَ الحَاضِرَةِ. الثالث، أنْ يَخْشَى فَوَاتَ وَقْتِ الحَاضِرَةِ، فيُصَلِّيهَا، ثم يُصَلِّىَ في بَقِيَّةِ الوَقْتِ فَوَائِتَ. الرابع، أنَّه إذا كَثُرَت الفَوَائِتُ بحيثُ لا يُمْكِنُ قَضَاؤُها قبلَ خُرُوجِ وَقْتِ الحَاضِرَةِ، فله أنْ يُصَلِّىَ الحَاضِرَةَ في الجَمَاعَةِ في أَوَّلِ الوَقْتِ، ويُقَدِّمَهَا على الفَوَائِتِ، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ فإنَّه لا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمهَا على بَعْضِ الفَوَائِتِ، فلا فَائِدَةَ في تَأْخِيرِها، ولأَنَّه لو لَزِمَ تَأْخِيرُها إلى آخِرِ وَقْتِها، لَلَزِمَ تَرْكُ الجَمَاعَةِ الحاضِرةِ (١٤) بالكُلِّيَّةِ.

٧٤ - مسألة؛ قال: (وإذَا خاف العَطَشَ حَبَسَ الماءَ وتَيَمَّمَ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ)

قال ابنُ المُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه مِن أهْلِ العِلْمِ على أنَّ المُسَافِرَ إذا كان معه مَاءٌ، وخَشِىَ العَطَشَ، أنَّه يُبْقِى ماءَهُ لِلشُّرْبِ، ويَتَيَمَّمُ؛ منهم علىّ، وابنُ عَبَّاس، والحسنُ، وعَطَاء، ومُجَاهِد، وطاوُس، وقَتَادَة، والضَّحَّاكُ، والثَّوْرِىُّ، ومَالِك، والشَّافِعِىُّ، وإسْحَاق، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، ولأنَّه خائِفٌ على نَفْسِهِ مِن


(١٢) أي: هو ما أباح فرضين.
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) في م: "للحاضرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>