للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعباسِ. وولاؤُهم اليومَ لهم. وأنَّ عُرْوةَ ابْتاعَ ولاءَ طَهْمانَ لِوَرَثةِ مُصْعَبِ بن الزُّبَيرِ. وقال ابنُ جُرَيْجٍ: قلتُ لعطاءٍ: أَذِنْتُ لِمَولاىَ أن يُوَالِىَ مَن شاءَ فيَجُوزُ؟ قال: نَعَمْ. ولَنا، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عن بَيْع الوَلاءِ وعن هِبَتِه (٢٥). وقال: "الوَلاءُ لُحْمةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ" (٢٦). وقال: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيه" (٢٥). ولأنَّه مَعْنًى يُورَثُ به فلا يَنْتَقِلُ كالقَرابةِ. وفِعْلُ هؤلاءِ شاذٌّ يخالِفُ قولَ الجُمهورِ، وتَرُدُّه السُّنَّةُ، فلا يُعَوَّلُ عليه.

فصل: ولا يَنْتَقِلُ الوَلاءُ عن المُعْتِقِ بمَوْتِه، ولا يَرِثُه ورَثَتُه، وإنَّما يَرِثُونَ المالَ به مع بَقائِه للمُعْتِقِ. هذا قولُ الجمهورِ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وزَيْدٍ، وابنِ مسعودٍ، وأَبَىِ بن كَعْبٍ، وابنِ عمرَ، وأبى مسعودٍ البَدْرِىِّ، وأُسامةَ بنِ زيدٍ. وبه قال عطاءٌ، وطاوُسُ، وسالمُ بن عبدِ اللَّه، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والشَّعْبِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وقَتادَةُ، وأبو الزِّنادِ، وابنُ قُسَيْطٍ (٢٧)، ومالكٌ والثَّورِىُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وداودُ. وشَذَّ شُرَيْحٌ، وقال: الوَلاءُ كالمالِ، يُورَثُ عن المُعْتِقِ، فمن مَلَكَ شيئًا حياتَه فهو لِوَرَثَتِه. وروَاه حَنْبلٌ، ومحمدُ بن الحَكَمِ، عن أحمدَ. وغَلَّطَهُما أبو بكرٍ، وهو كما قال؛ فإنَّ رِوايةَ الجماعةِ عن أحمدَ مثلُ قولِ الجماعةِ، وذلك لقولِه عليه السلامِ: "الوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ" (٢٨). وقوله: "الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ". والنَّسَبُ لا يُورَثُ، وإنَّما يُورَثُ به، ولأنَّه معنى يُورَثُ به، فلا يَنْتَقِلُ، كسائرِ الأسْبابِ (٢٩)، واللَّهُ تعالى أعلمُ.


(٢٥) تقدم تخريجه فى صفحة ٢١٤.
(٢٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٢١٥.
(٢٧) فى النسخ: "نشيط" تحريف.
وهو يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط الليثى المدنب الأعرج التابعى، ثقة، توفى سنة اثنتين وعشرين ومائة، وبلغ تسعين سنة. تهذيب التهذيب ١/ ٣٤٢، ٣٤٣.
(٢٨) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(٢٩) فى أ: "الأنساب".

<<  <  ج: ص:  >  >>