للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وتَحْرُمُ الزُّروعُ والثمارُ التى سُقِيَت النَّجاساتِ (٦٢)، أو سُمِّدَت بها. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُكْرَهَ ذلك، ولا يَحْرُمَ. ولا يُحْكَمُ بِتَنْجِيسها؛ لأنَّ النَّجاسَةَ تسْتحِيلُ فى باطِنها، فتطْهُرُ بالاسْتِحالَةِ، كالدَّمِ يسْتِحيلُ فى أعضاءِ الحَيَوانِ لَحْمًا، ويصيرُ لَبَنًا. وهذا قولُ أكثرِ الفقهاءِ؛ منهم أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ؛ لأنَّ سعدُ بنُ أبى وقَّاص يَدْمُلُ (٦٣) أرضَه بالعُرَّةِ، ويقول: مِكْتَلُ عُرَّةٍ مِكْتَلُ بُرٍّ (٦٤). والعُرَّةُ: عَذِرَةُ الناس. ولَنا، ما رُوِىَ عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: كُنَّا نُكْرِى أرَاضِى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونَشْترِطُ عليهم أَنْ لا يَدْمُلُوها بعَذِرَةِ الناسِ (٦٤). ولأنّها تَتَغَذَّى بالنَّجاساتِ، وتتَرَقَّى فيها أجزاؤُها، والاسْتِحالَةُ لا تُطَهِّرُ. فعلى هذا تَطْهُرُ إذا سُقِيَت الطَّاهراتِ، كالجَلَّالَةِ إذا حُبِسَتْ وأُطْعِمَتِ الطَّاهِراتِ.

١٧٣٩ - مسألة؛ قال: (ومَن اضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا إِلَّا مَا يَأْمَنُ (١) مَعَهُ الْمَوْتَ)

أجْمَعَ العُلَماءُ على تَحْريمِ المَيْتَةِ حالَةَ (٢) الاخْتِيارِ، وعلى إباحَةِ الأَكلِ منها فى الاضْطِرارِ. وكذللث سائِرُ المحرَّماتِ. والأَصْلُ فى هذا قولُ اللَّه تعالَى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٣). ويُباحُ له أكلُ ما يسُدُّ الرَّمَقَ، ويَأْمَنُ معه الموتَ، بالإجْماعِ. ويَحْرُمُ ما زادَ على الشِّبَعِ، بالإِجْماعِ أيضًا. وفى الشِّبَعِ رِوَايتان؛ أظْهَرُهما، لا يُباحُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ. وِإحْدَى الرِّوايَتَيْن عن مالكٍ. وأَحَدُ القَوْلَيْن للشافِعِىّ. قال الحسنُ: يأكلُ قَدْرَ ما يُقِيمُه؛ لأنَّ الآيةَ دَلَّت على تَحْريمِ المَيْتَة، واسْتُثْنِىَ ما اضْطُرَّ إليه، فإذا انْدَفعَتِ


(٦٢) فى م: "بالنجاسات".
(٦٣) دمل الأرض: سمَّدها.
(٦٤) أخرجهما البيهقى، فى: باب ما جاء فى طرح السرجين والعذرة فى الأرض، من كتاب المزارعة. السنن الكبرى ٦/ ١٣٩.
(١) فى الأصل، ب، م: "يؤمن".
(٢) فى ب، م: "حال".
(٣) سورة البقرة ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>