للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشْبَهَ ما لو انْتَقَلَ عنه بالموتِ. واحتملَ أَنْ يُنْقَضَ البيعُ والهِبَةُ ويُحَرَّقَ؛ لأنَّه تعلَّقَ به حَقٌّ سابِقٌ على البَيْعِ والهِبَةِ، فوَجَبَ تقْديمُه، كالقِصاصِ فى حَقِّ الجانِى.

فصل: وإِنْ كان الغالُّ صَبِيًّا، لم يُحَرَّقْ مَتاعُه. وبه قال الأوْزاعِىُّ؛ لأنَّ الإِحْراقَ عُقوَبةٌ، وليس هو من أهلِها، فأشْبَهَ الحَدَّ. وإِنْ كان عبدًا، لم يُحَرَّقْ مَتاعُه؛ لأنَّه لِسَيِّدِه، فلا يُعاقَبُ سَيِّدُه [بجنايَةِ عَبْدِه] (٢١). وإن اسْتَهْلكَ ما غَلَّه، فهو فى رقَبَتِه؛ لأنَّه من جنايَتِه. وإِنْ غَلَّت امرأةٌ أو ذِمِّىٌّ أُحْرِقَ مَتاعُهما؛ لأنَّهُما مِن أهلِ العُقوبَةِ، ولذلك يُقْطَعان فى السَّرِقَةِ، ويُحدَّان فى الزِّنَى وغيرِه. وإِنْ أَنْكَرَ الغُلولَ، وذكَرَ (٢٢) أنَّه ابْتاعَ ما بِيَدِه، لم يُحَرَّقْ مَتاعُه، حتَّى يثبُتَ غُلولُه بِبَيِّنَةٍ أو إقرارٍ؛ لأنَّه عُقوبَةٌ (٢٣)، فلا يَجِبُ قبلَ ثُبوتِه بذلك، كالحدِّ، ولا يُقْبَلُ فى بَيِّنتِه إلَّا عَدْلان؛ لذلك.

فصل: ولا يُحْرَمُ الغَالُّ سَهْمَه. وقال أبو بكرٍ: فى ذلك رِوايتان؛ إحداهُما، يُحْرَمُ سَهْمَه؛ لأنَّه قد جاءَ فى الحديثِ: "يُحْرَمُ سَهْمَهُ". فإنْ صحَّ، فالحُكْمُ به (٢٤). وقال الأوْزاعِىُّ، فى الصَّبِىِّ يغُلُّ: يُحْرَمُ سَهْمَه، ولا يُحَرَّقُ مَتاعُه. ولَنا، أَنَّ سَبَبَ الاسْتِحْقاقِ مَوْجودٌ، فيَسْتَحِقُّ، كما لو لم يَغُلَّ (٢٥)، ولم يثبُتْ حِرْمانُ سَهْمِه فى خَبَرٍ، ولا قياسٍ، فيَبْقَى بحالِه، ولا يحَرَّقُ سَهْمُه؛ لأنَّه ليس من رَحْلِه.

فصل: إذا تابَ الغالُّ قبلَ القِسْمَةِ، رَدَّ ما أَخَذَه فى المَقْسِمِ، بغيرِ خلافٍ؛ لأنَّه حَقُّ تَعَيَّنَ رَدُّه إلى أهْلِه. فإنْ تابَ بعد القِسْمَةِ، فمُقْتَضَى المذهبِ أَنْ يُؤَدِّىَ خُمسَه إلى الإِمامِ، ويتَصدَّقَ بالباقى. وهذا قولُ إلى حَسَنِ، والزُّهْرِىِّ، ومالِكٍ، والأوْزاعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، واللَّيْثِ. ورَوَى سعيدُ بن منصورٍ (٢٦)، عن عبدِ اللَّه بنِ المُباركِ، عن صَفْوانَ ابنِ عمرٍو، عن حَوْشَبِ بن سَيْفٍ، قال: غَزَا الناسُ الرُّومَ، وعليهم عبدُ الرحمن بن خالدِ


(٢١) فى أ، ب: "بجنايته".
(٢٢) فى ب: "وادعى".
(٢٣) فى م زيادة: "به".
(٢٤) فى الأصل، أ، م: "له".
(٢٥) فى م: "يعلم".
(٢٦) فى: باب ما جاء فى من غلَّ وندم، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>