للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينْصَرِفُ إليه بغيرِ نِيَّةٍ (٢٢)، كما لا ينْصرِفُ إلى تَحْريمِ الطَّلاقِ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّه تحريمٌ أوْقَعَه فى امرأتِه، فكان بإطْلاقِه ظهارًا، كتَشْبِيهها بظهرِ أُمِّه. وقولُهم: إنَّ التَّحْرِيمَ يَتَنَوَّعُ. قُلْنا: إلَّا أَنَّ تلك الأنْواعَ مُنْتفِيَةٌ، ولا يَحْصُلُ بقولِه منها إلَّا الطَّلاقُ، وهذا أوْلَى منه؛ لأنَّ الطَّلاقَ تَبِينُ به المرأةُ، وهذا يُحَرِّمُها مع بقاءِ الزَّوْجِيَّةِ، فكان أدْنَى التَّحْريمَيْنِ، فكان أوْلَى فأمَّا إنْ قال ذلك لمُحَرَّمَةٍ عليه بحَيْضٍ أو نَحْوِه، وقَصَدَ الظِّهارَ، فهو ظهارٌ، وإِنْ قَصَدَ أنَّها مُحَرَّمةٌ عليه بذلك السَّبَبِ، فلا شَىءَ فيه. وإن أطلقَ، فليس بظهارٍ؛ لأنّه يَحْتَمِلُ الخبرَ عن حالِها، ويحْتَمِلُ إنشاءَ التَّحريمِ فيها بالظِّهارِ، فلا يَتَعَيَّنُ أحدُهما بغيرِ تَعْيِينٍ.

فصل: فإنْ قال: الحِلُّ علىَّ حرامٌ. أو: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ. أو: ما أنْقَلِبُ إليه حرامٌ. وله امرأةٌ، فهو مظاهِرٌ. نصَّ عليه أحمدُ فى الصُّوَرِ الثَّلاثِ؛ وذلك لأنَّ لَفْظَه يقْتضِى العُمُومَ، فيتناولُ المرأةَ بعُمُومِه. وإِنْ صَرَّحَ بتَحْريمِ المرأةِ، أو نَوَاها، فهو آكدُ. قال أحمدُ، فى مَن قال: ما أَحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ؛ من أهلٍ، ومالٍ: عليه كفَّارة الظِّهارِ، هو يَمِينٌ. وتُجْزِئُه كفَّارةٌ واحِدَةٌ، فى ظاهرِ كلامِ أحمدَ هذا. واختار ابنُ عَقِيلٍ، أنَّه يلزمُه كَفَّارتان للظِّهارِ ولتَحْريمِ المالِ؛ لأنَّ التَّحْريمَ تَناوَلَهما، وكلُّ واحدٍ منهما لو انْفَردَ أوْجَبَ كفَّارةً، فكذلك إذا اجْتَمَعا. ولَنا، أنَّها يَمِينٌ واحدةٌ فلا تُوجِبُ كفارتَيْنِ، كما لو تَظاهَرَ من امرأتَيْنِ، أو حَرَّمَ مِن مالِه شيئَيْنِ. وما ذكرَه يَنْتَقِضُ بهذا. وفى قَوْلِ أحمدَ: هو يمينٌ. إشارةٌ إلى التَّعليلِ بما ذكَرْناه؛ لأنَّ اليمينَ الواحدةَ لا تُوجِبُ أكثرَ من كفَّارةٍ. وإنَّ نَوَى بقولِه: ما أحلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ. وغيرِه من لَفَظاتِ العُمُومِ المالَ، لم يَلْزَمْه إلَّا كفَّارةُ يَمِينٍ؛ لأنَّ اللفظَ العامَّ يجوزُ استعمالُه فى الخاصِّ. وعلى الرِّوايةِ الأُخْرَى التى تقولُ: إنَّ الحرامَ بإطلاقِه ليس بظهارٍ. لا يكونُ هَهُنا مُظاهِرًا، إلَّا أَنْ يَنْوِىَ الظِّهارَ.

فصل: وإِنْ قال: أنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى حرامٌ. فهو صريحٌ فى الظِّهارِ، لا ينْصرِفُ إلى غيرِه، سواءٌ نَوَى الطَّلاقَ أو لم يَنْوِه. وليس فيه اختلافٌ بحمدِ اللَّهِ؛ لأنَّه صَرَّحَ بالظِّهارِ، وبَيَّنَه بقولِه: حرامٌ. وإِنْ قال: أنتِ علىَّ حرامٌ (٢٣) كظهرِ أُمِّى. أو:


(٢٢) فى م: "النية".
(٢٣) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>