للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوارِثَةِ (٩٨) بالوَصِيَّة بإعْتَاقِه وَحْدَه. وذَكَرَ القاضى، وأصْحابُ الشَّافِعِىِّ، أَنَّه إنَّما يَعْتِقُ ثُلثاه؛ لأنَّه لمَّا عَتَقَ (٩٩) سالمٌ بشهادَةِ الأجْنَبِيَّيْن، صارَ كالمَغْصُوبِ، فصارَ غانمٌ نِصْفَ التَّركِةِ، فيَعْتِقُ ثُلثاه، وهو ثُلثُ التَّركِةِ. ولَنا، أَنَّ الوارِثَةَ (١٠٠) تُقِرُّ بأنَّه حينَ المَوْتِ ثُلثُ التَّرِكَةِ، وأنَّ عِتْقَ سالمٍ إنَّما كان بشهادَتِهما بعدَ المَوْتِ، فصارَ كالمَغْصُوبِ بعدَ المَوْتِ، ولو غُصِبَ بعدَ المَوْتِ، لم يَمْنَع عِتْقَ غانمٍ كُلَّه، فكذلك الشَّهادَةُ بعِتْقِه. وقد ذَكَر القاضى، فيما إذا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عادِلةٌ بإعْتاقِ سَالمٍ فى مَرَضِه، ووَارِثةٌ فَاسِقَةٌ بإعْتاقِ غانمٍ فى مَرَضِه، وأنَّه لم يُعْتِقْ سَالِمًا، أَنَّ غانِمًا يَعْتِقُ كُلُّه. وهذا مثلُه. فأمَّا إِنْ كانتْ قِيمَةُ غانمٍ أقَلَّ من قِيمَةٍ سَالمٍ، فالوَارِثةُ مُتَّهَمَةٌ؛ لكَوْنِها تَرُدُّ إلى الرِّقِّ مَنْ كَثُرَتْ قيمتُه، فتُرَدُّ شهادَتُها (١٠١) بالرُّجُوعِ (١٠٢)، كما تُرَدُّ شهادَتُها (١٠٣) بالرُّجُوعِ عن الوَصِيَّةِ، ويَعْتِقُ سَالمٌ، ويعْتِقُ (١٠٤) غانم كُلُّه، أو ثُلثَا (١٠٥) الباقى، على ما ذَكَرْنا من الاخْتِلافِ (١٠٦) فيما إذا كانتْ فاسِقَةً. فإنْ لم تَشْهَدِ الوَارِثَةُ بالرُّجُوعِ عن عِتْقِ سالمٍ، لكن شَهِدتْ بالوَصِيَّةِ بِعِتْقِ غانِمٍ، وهى بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، ثبتَتِ الوَصِيَّتَان، سَوَاءٌ كانتْ قِيمَتُهما سَواءً، أو مُخْتَلِفةً، فيَعْتِقَان (١٠٧) إِنْ خَرَجَا من الثُّلثِ، وإِنْ لم يخْرُجَا من الثُّلثِ، أُقْرِعَ بينهما، فيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ له القُرْعَةُ، ويَعْتِقُ تَمامُ الثُّلثِ من الآخَرِ، سَواءٌ تقَدَّمتْ إحْدَى الوَصِيَّتَيْن على الأُخْرَى أو اسْتَوَتَا؛ لأنَّ المُتَقَدِّمَ والمُتَأَخِّرَ من الوَصَايا سَواءٌ.

فصل: ولو شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عادِلَةٌ، أنَّه وَصَّى لزيدٍ بثُلثِ مالِه، وشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى أَنَّه رَجَعَ عن الوَصِيَّةِ لزيدٍ، ووَصَّى لعمرٍو بثُلثِ مالِه، وشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ ثَالِثَةٌ، أنَّه رَجَعَ عن


(٩٨) فى م: "الورثة".
(٩٩) فى م: "أعتق".
(١٠٠) فى م: "الوراثة".
(١٠١) فى الأصل: "شهادتهما".
(١٠٢) فى أ، ب، م: "فى الرجوع".
(١٠٣) فى أ: "شهادتهما".
(١٠٤) سقطت: "يعتق" من: م.
(١٠٥) فى م: "ثلثاه وهو ثلث".
(١٠٦) فى الأصل: "اختلاف".
(١٠٧) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>