للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه نِكاحٌ إلى مُدَّةٍ، أو فيه شَرْط يَمْنَعُ بَقَاءَه، فأشْبَهَ نِكاحَ المُتْعةِ.

فصل: فإن شَرَطَ عليه التَّحْلِيلَ قبلَ العَقْدِ، ولم يَذكُرْه فى العقدِ [ونَوَاه فى العقدِ] (١٠) أو نَوَى التَّحْليلَ من غير شَرْطٍ، فالنِّكاحُ باطِلٌ أيضًا. قال إسماعيلُ بن سعيدٍ: سَأَلْتُ أحمدَ عن الرَّجُلِ يتزوجُ المرأةَ، وفى نَفْسِه أن يُحَلِّلَها (١١) لزَوْجِها الأَوَّل، ولم تَعْلَمِ المرأةُ بذلك. قال: هو مُحَلِّلٌ، إذا أراد بذلك الإِحْلالَ، فهو مَلْعُونٌ. وهذا ظاهرُ قولِ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. ورَوَى نافِعٌ، عن ابن عمرَ، أن رَجُلًا قال له: امرأةٌ تَزَوَّجْتُها، أُحِلُّها لزَوْجِها، لم يَأْمُرْنِى، ولم يَعْلَمْ. قال: لا، إلَّا نِكاحُ رَغْبةٍ (١٢)، إن أعْجَبَتْكَ أَمْسِكها، وإن كَرِهْتَها فارِقْها. قال: وإن كُنَّا نَعُدُّه على عَهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سِفَاحًا. وقال: لا يَزَالانِ زانِيَيْنِ، وإن مَكَثَا عِشْرِينَ سنةً، إذا علِمَ أنَّه يُرِيدُ أن يُحِلَّها (١٣). وهذا قولُ عثمانَ [بن عفَّان] (١٤)، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وجاء رَجُلٌ إلى ابنِ عباسٍ، فقال له: إن عَمِّى طَلَّقَ امْرَأتَه ثلاثًا، أيُحِلُّها له رَجُلٌ؟ قال: مَنْ يُخادِعِ اللَّه يَخْدَعْهُ (١٥). وهذا قولُ الحَسَنِ، والنَّخَعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، وقَتادةَ، وبكرٍ المُزَنِىِّ، واللَّيْثِ، ومالكٍ، والثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ: العَقْدُ صحيحٌ. وذَكَر القاضى فى صِحَّتِه وَجْهًا مثلَ قَوْلِهما؛ لأنَّه خَلَا عن شَرْطٍ يُفْسِدُه، فأشْبَهَ ما لو نَوَى طَلَاقَها لغيرِ الإحْلالِ، [أو ما] (١٦) لو نَوَتِ المرأةُ ذلك، ولأنَّ العَقْدَ إنَّما يَبْطلُ بما شُرِطَ لا بما قُصِدَ، بدليلِ ما لو اشْتَرَى عبدًا بشَرْط (١٧) أن يَبِيعَه، لم يَصِح، ولو نَوَى ذلك، لم يَبْطُلْ. ولأنَّه رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ما يَدُلُّ على إجَازَتِه (١٨).


(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) فى م: "يحلها".
(١٢) فى الأصل: "رهبة".
(١٣) أخرجه الحاكم، فى: باب لعن اللَّه المحلل والمحلل له، من كتاب الطلاق. المستدرك ٢/ ١٩٩. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى نكاح المحلل، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ٢٠٨.
(١٤) سقط من: م.
(١٥) أخرجه البيهقى، فى: باب من جعل الثلاث واحدة وما ورد فى خلاف ذلك، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٣٧. وسعيد بن منصور، فى: باب التعدى فى الطلاق، من كتاب الطلاق. السنن ١/ ٢٦٢.
(١٦) فى أ، ب: "وكما".
(١٧) فى م: "فشرط".
(١٨) فى أ: "إباحته وإجازته".

<<  <  ج: ص:  >  >>