للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَزْويجُه، إلَّا إذا رأَى المصلحةَ فيه، غيرَ أنَّ الحاجةَ لا تَنْحَصِرُ فى قَضاءِ الشَّهوةِ، فقد تكونُ حاجَتُه إلى الإيواءِ والحِفْظِ، وربَّما كان دَواءً له، ويُتَرَجَّى به شفاؤُه، فجاز التَّزْويجُ له، كقَضاءِ الشَّهْوةِ. واللَّه أعلم.

فصل: ومن يُخْنَقُ (١١) فى الأحْيانِ، لا يجوزُ تَزْويجُه إلَّا بإذْنِه؛ لأنَّ ذلك مُمْكِنٌ، ومَن أمْكَنَ أن يَتَزَوَّجَ لنَفْسِه، لم تَثْبُت الولايةُ عليه كالعاقلِ: ولو زال عَقْلُه ببِرْسامٍ أو مَرَضٍ مَرْجُوِّ الزَّوالِ، فهو كالعاقلِ، فإنَّ ذلك لا يُثْبِتُ الولايةَ على مالِه، فعلى نَفْسِه أوْلَى. وإن لم يُرْجَ زَوالُه، فهو داخلٌ فيما ذكَرْناه.

الفصل الرابع: أَنَّ (١٢) وَصِىَّ الأبِ فى النِّكاحِ بمَنْزِلَتِه، على ما ذكَرْنا فى ثُبوتِ الوِلايةِ للوَصِىِّ على المرأةِ. وفى هذا من الخلافِ مثلُ ما فيه، وإنَّما يثْبُتُ ذلك لوَصِىِّ الأبِ فى التَّزْويجِ خاصَّةً، فإن كان وَصِيًّا فى المالِ، لم تَكُنْ له ولايةٌ فى التَّزْويجِ؛ لأنَّه إنَّما يَسْتَفيدُ التَّصَرُّفَ (١٣) بالوَصِيَّةِ، فلا يَمْلِكُ ما لم يُوصَ به إليه، وَوَصِىُّ غيرِ الأبِ، لا وِلايةَ له على صَبِىٍّ ولا (١٤) مَجْنونٍ؛ لأنَّ المُوصِى لا يَمْلِكُ ذلك، فوَصِيُّه أَوْلَى.

فصل: وإذا تَزَوَّجَ لصغيرٍ أو مجنونٍ، فإنَّه يَقْبَلُ لهما النِّكاحَ، ولا يجوزُ أن يَأْذَنَ لهما فى قَبُولِه؛ لأنَّهما ليسا من أهلِ التَّصَرُّفِ. وإن كان الغلامُ ابنَ عَشْرٍ، وهو مُمَيزٌ، فقياسُ المذهبِ جوازُ تَفْوِيض القَبُولِ إليه، حتى يَتَولّاهُ لنَفْسِه، كما يُفَوَّضُ أمْرُ البَيْعِ إليه، ولأنَّه يَمْلِكُ إيقاعَ الطَّلاقِ بنَفْسِه. وإن تَزَوَّجَ له الوَلِىُّ جاز، ؛ يجوزُ أن يَبْتاعَ له، وهذا على الرِّوايةِ التى تقولُ بصِحَّةِ بَيْعِه، ووُقُوعِ طَلَاقِه. وإن قُلْنا: لا يَصِحُّ ذلك منه. فهذا أوْلَى.


(١١) الخُناق، بالضم: داء يمتنع معه نفوذ النفَس إلى الرئة والقلب. وفى الشرح الكبير: "يجن".
(١٢) سقط من: أ، ب.
(١٣) فى م: "بالتصرف".
(١٤) فى م: "أو".

<<  <  ج: ص:  >  >>