للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المِلْكِ عن جُمْلَتِه، كَقَطْعِ ذَكَرِ المُدَبَّرِ، وكقَطْعِ إِحْدَى يَدَيْهِ أو أُذُنَيْهِ، ولأنَّ المَضْمُونَ هو المُفَوَّتُ، فلا يَزُولُ المِلْكُ عن غيرِه بِضَمَانِه، كما لو قَطَعَ تِسْعَ أصَابِعَ. وبهذا يَنْفَصِلُ عما ذَكَرُوهُ، فإنَّ الضَّمَانَ في مُقَابَلَةِ المُتْلَفِ، لا في مُقَابَلَةِ الجُمْلَةِ. فأمَّا إن ذَهَبَتْ هذه الأَعْضَاءُ بغيرِ جِنَايَةٍ، فهل يَضْمَنُها ضَمَانَ الإِتْلَافِ، أو بما نَقَصَ؟ على رِوَايَتَيْنِ، سَبَقَ ذِكْرُهما.

فصل: وإن جَنَى العَبْدُ المَغْصُوبُ، فجِنَايَتُه مَضْمُونَةٌ على الغاصِبِ؛ لأنَّه نَقْصٌ في العَبْدِ الجانِى، لكَوْنِ أَرْشِ الجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِه، فكان مَضْمُونًا على الغاصِبِ، كسائِرِ نَقْصِه. وسواءٌ في ذلك ما يُوجِبُ القِصَاصَ أو المالَ. ولا يَلْزَمُه أكْثَرُ من النَّقْصِ الذي لَحِقَ العَبْدَ. وإن جَنَى على سَيِّدِه، فجِنَايَتُه مَضْمُونَةٌ على الغاصِبِ أيضًا؛ لأنَّها (٣٤) من جُمْلَةِ جِنَايَاتِه، فكان مَضْمُونًا على الغاصِبِ، كالجِنَايَةِ على الأَجْنَبِىِّ.

فصل: إذا نَقَصَتْ عَيْنُ المَغْصُوبِ دُونَ قِيمَتِه، فذلك على ثلاثةِ أقْسَامٍ؛ أحدها، أن يكونَ الذّاهِبُ جُزْءًا مُقَدَّرَ البَدَلِ، كعَبْدٍ خَصَاهُ، وزَيْتٍ أغْلَاهُ، ونُقْرَةٍ ضَرَبَها دَرَاهِمَ فنَقَصَتْ عَيْنُها دُونَ قِيمَتِها، فإنَّه يَجبُ ضَمَانُ النَّقْصِ، فيَضْمَنُ نَقْصَ العَبْدِ بقِيمَتِه، ونَقْصَ الزَّيْتِ والنُقْرَةِ بِمِثْلِهِما مع رَدِّ الباقِى منهما؛ لأنَّ الناقِصَ من العَيْنِ له بَدَلٌ مُقَدَّرٌ، فلَزِمَهُ ما تَقَدَّرَ به، كما لو أَذْهَبَ الجَمِيعَ. الثاني، أن لا يكونَ مُقَدَّرًا، مثل إن غَصَبَ عَبْدًا ذا سِمَنٍ مُفْرِطٍ، فخَفَّ جِسْمُه، ولم تَنْقصْ قِيمَتُه، فلا شىءَ فيه سِوَى رَدِّه؛ لأنَّ الشَّرْعَ إنَّما أَوْجَبَ في هذا ما نَقَصَ من القِيمَةِ، ولم يُقَدِّرْ بَدَلَه، ولم تَنْقُص القِيمَةُ، فلم يَجِبْ شيءٌ، بخِلَافِ الصُّورَةِ الأُولَى؛ فإنَّ الذّاهِبَ مُقَدَّرُ البَدَلِ، فلم يَسْقُطْ بَدَلُه. الثالث، أن يكونَ النَّقْصُ في مُقَدَّرِ البَدَلِ، لكن الذَّاهِبَ منه أَجْزَاءٌ غيرُ مَقْصُودَةٍ، كعَصِيرٍ أَغْلَاهُ فذَهَبَتْ مَائِيَّتُه، وانْعَقَدَتْ أجْزَاؤُه، فنَقَصَتْ عَيْنُه دُونَ قِيمَتِه، ففيه وَجْهَانِ؛ أحدُهما، لا شىءَ فيه (٣٥) سِوَى رَدِّه؛ لأنَّ النَّارَ إنَّما أذْهَبَتْ


(٣٤) في الأصل: "لأنه".
(٣٥) في م: "عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>