للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصْفِ صَاعٍ من بُرٍّ. مُتَّفَقٌ عليهما (١٢)، ولأنَّه جِنْسٌ يُخْرَجُ في صَدَقَةِ الفِطْرِ، فكان قَدْرُه صَاعًا كسائِرِ الأجْناسِ. وأحَادِيثُهم لا تَثْبُتُ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قالَه ابنُ المُنْذِرِ. وحَدِيثُ ثَعْلَبَةَ تَفَرَّدَ (١٣) به النُّعْمانُ بن رَاشِدٍ. قال البُخَارِيُّ: هو يَهِمُ كَثِيرًا، وهو صدوقٌ في الأصْلِ. وقال مُهَنَّا: ذَكَرْتُ لأحمدَ حَدِيثَ ثَعْلَبَةَ بن أبي صُعَيْرٍ، في صَدَقَةِ الفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ. فقال: ليس بصَحِيحٍ، إنَّما هو مُرْسَلٌ، يَرْوِيه [مَعْمَرٌ وابنُ جُرَيْجٍ] (١٤)، عن الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا. قلتُ: مِن قِبَلِ مَن هذا؟ قال: من قِبَلِ النُّعْمَانِ بن رَاشِدٍ، ليس هو بِقَوِيٍّ في الحَدِيثِ. وضَعَّفَ حَدِيثَ ابنَ أبي صُعَيْرٍ. وسألْتُه عن ابنِ أبى صُعَيْرٍ، أمَعْرُوفٌ هو؟ قال: مَن يَعْرِفُ ابنَ أبِى صُعَيْرٍ، ليس هو بمَعْرُوفٍ. وذَكَرَ أحمدُ، وعلىُّ بن الْمَدِينىّ، ابْنَ أبِى صُعَيْرٍ، فضَعَّفَاه جميعًا. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: ليس دُونَ الزُّهْرِيِّ مَن يَقُومُ به حُجَّة. ورَوَاه أبو إسحاقَ الجُوزَجَانِيّ: حَدَّثَنا سليمانُ بن حَرْبٍ، حَدَّثنَا حَمَّادُ بن زيدٍ، عن النُّعْمَانِ، عن الزُّهْرِيِّ، عن ثَعْلَبَةَ، عن أبِيه قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَدُّوا صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ قَمْحٍ" أو قال: "بُرٍّ، عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ، صَغِيرٍ أوْ كَبِيرٍ" (١٥). وهذا حُجَّةٌ لنا، وإسْنادُهُ حَسَنٌ. قال الْجُوزَجَانِيُّ: والنِّصْفُ صَاعٍ، ذَكَرَهُ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ورِوَايَتُه ليس تَثْبُتُ. ولأنَّ فيما ذَكَرْنَاهُ احْتِيَاطًا لِلْفَرْضِ، ومُعاضَدَةً للقِياسِ.

فصل: وقد دَلَّلْنَا على أنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أرْطالٍ وثُلُثٌ بالعِرَاقِيِّ، فيما مَضَى، والأصْلُ فيه الكَيْلُ، وإنَّما قَدَّرَهُ العُلَماءُ بالوَزْنِ، لِيُحْفَظَ ويُنْقَلَ. وقد رَوَى جَمَاعَةٌ عن أحمدَ، أنَّه قال: الصَّاعُ وَزَنْتُه، فوَجَدْتُه خَمْسَةَ أرْطَالٍ، وثُلُثًا حِنْطَةً.


(١٢) تقدم تخريجهما في صفحة ٢٨١، ٢٨٢.
(١٣) في الأصل: "ينفرد".
(١٤) في ب، م: "معمر بن جريج" خطأ.
(١٥) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٥/ ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>