للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استِحْقَاقِه، فلا يُكلَّفُ بيَانَه، ويَكْفِيه أَنْ يقولَ: أسْتَحِقُّ هذه العَيْنَ التى فى يَدِه، أو أسْتَحِقُّ كذا وكذا فى ذِمَّتِه. ويقولَ فى البَيْعِ: إنِّى اشْتَريْتُ منه هذه الجارِيةَ بألْفِ درهمٍ، أو بِعْتُها منه بذلك. ولا يحْتاجُ أَنْ يقولَ: وهى مِلْكُه، [أو وهى ملكى] (١٧) -[ونحوَ ذلك] (١٨) الأمْرِ- وتَفَرَّقْنا عن تَرَاضٍ. وذَكَر أبو الخَطَّاب فى العُقودِ وَجْهًا آخرَ، أنَّه يُشْترَطُ ذِكْرُ شُرُوطِها، قِياسًا على النِّكَاحِ. وذَكَرَ أصْحَابُ الشَّافِعىِّ هذَين الوَجْهَين، ووَجْهًا ثَالثًا، أنَّه إِنْ كان المَبِيعُ جَاريةً، اشْتُرِطَ ذِكْرُ شُرُوطِ البَيْعِ؛ لأنَّه عَقْدٌ يُسْتَبَاحُ به الوَطْءُ، فأشْبَهَ النِّكاحَ، وإِنْ كان المَبِيعُ غيرَها، لم يُشْترَطْ؛ لعدمِ ذلك. والأَوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّها دَعْوَى فيما لا يُشْتَرطُ فيه الوَلِى والشُّهُودُ، أشْبَهَ دَعْوَى العَيْن. وما لَزِم ذِكْرُه فى الدَّعْوَى، فلم يذْكُرْه، سألَه الحاكِمُ عنه، لتَصِيرَ الدَّعْوَى مَعْلُومَةً، فيُمْكِنَ الحاكمَ الحكمُ بها. وقد ذكَرْنا سائِرَ الدَّعَاوَى فيما سَبَقَ، بما أغْنَى عن إعادَتِه ههُنا.

١٩٣٥ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ ادَّعَى دَابَّةً فِى يَدِ رَجُلٍ، فأَنْكَرَ (١)، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِى بِيِّنَتِهِ، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَرَنَا بِسَمَاعِ (٢) بَيِّنَةِ الْمُدَّعِى وَيَمينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ، أَوْ قَالَتْ: وُلِدتْ فِى مِلْكِهِ (٣))

وجُمْلَةُ ذلك أَنَّ مَنْ ادَّعى شَيئًا فى يدِ غيرِه، فأنْكَرَه، ولكُلِّ واحِدٍ منهمُا بَيِّنَةٌ، فإِنَّ بيِّنَةَ المُدَّعِى تُسَمَّى بَيِّنَةَ الخَارِجِ، وبَيِّنَةَ المُدَّعَى عليه تُسَمَّى بَيِّنَة الدَّاخِلِ، وقد اخْتلفَتِ الرِّوَايةُ عن أحمد، فيما إذا تعارَضَتا، فالمشْهُورُ عنه تقْدِيمُ بَيِّنَةِ المُدَّعِى، ولا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ المُدَّعَى عليه بحَالٍ. وهذا قولُ إسحاق. وعنه، روايةٌ ثانِيةٌ، إِنْ شهدَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ بسَبَبِ الملكِ، وقالتْ (٤): نُتِجَتْ فى مِلْكِه، أو اشْتَرَاها، أو نَسَجَها. أو كانت بَيِّنَتُه


(١٧) سقط من: ب.
(١٨) فى النسخ: "ونحن جائز".
(١) فى أ: "فأنكره".
(٢) فى أ: "باستماع".
(٣) فى م زيادة: "عليه".
(٤) فى الأصل: "فقال". وفى ب: "فقالت".

<<  <  ج: ص:  >  >>