للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإن أحْرَمَ من الحِلِّ؛ نَظَرْتَ، فإن أحْرَمَ من الحِلِّ الذى يَلِى المَوْقِفَ فعليه دَمٌ؛ لأنَّه أحْرَمَ من دون المِيقاتِ. وإنْ أحْرَمَ من الجانِبِ الآخَرِ، ثم سَلَكَ الحَرَمَ، فلا شىءَ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ، في رَجُلٍ أحْرَمَ لِلْحَجِّ من التَّنْعِيمِ، فقال: ليس عليه شيءٌ. وذلك لأنَّه أحْرَمَ قبلَ مِيقَاتِه، فكان كالمُحْرِمِ قبلَ بَقِيَّةِ المَوَاقِيتِ. ولو أحْرَمَ مِن الحِلِّ، ولم يَسْلُكِ الحَرَمَ، فعليه دَمٌ؛ لأنَّه لم يَجْمَعْ بين الحِلِّ والحَرَمِ.

فصل: وإن أحْرَمَ بالعُمْرَةِ من الحَرَمِ، انْعَقَدَ إحْرامُه بها، وعليه دَمٌ؛ لِتَرْكِه الإحْرامَ من المِيقاتِ. ثم إن خَرَجَ إلى الحِلِّ قبلَ الطَّوَافِ، ثم عادَ، أجْزَأهُ؛ لأنَّه قد جَمَعَ بين الحِلِّ والحَرَمِ. وإن لم يَخْرُجْ حتى قَضَى عُمْرَتَه، صَحَّ أيضا؛ لأنَّه قد أتى بأرْكَانِها، وإنما أخَلَّ بالإحْرامِ من مِيقَاتِها، وقد جَبَرَهُ، فأشْبَهَ مَنْ أحرَمَ مِن دونِ المِيقاتِ بالحَجِّ. وهذا قولُ أبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، وأحَدُ قوْلَىِ الشَّافِعِىِّ. والقولُ الثانِى، لا تَصِحُّ عُمْرَتُه؛ لأنَّه نُسُكٌ، فكان مِن شَرْطِه الجَمْعُ بين الحِلِّ والحَرَمِ، كالحَجِّ. فعلى هذا وُجُودُ هذا الطَّوَافِ كعَدَمِه، وهو باقٍ على إحْرَامِه حتى يَخْرُجَ إلى الحِلِّ، ثم يَطُوفُ بعد ذلك ويَسْعَى. وإن حَلَقَ قبلَ ذلك، فعليه دَمٌ. وكذلك كُلُّ ما فَعَلَهُ من مَحْظُورَاتِ إحرَامِه، فعليه فِدْيَتُه. وإن وَطِئَ، أفْسَدَ عُمْرَتَهُ، ويَمْضِى في فاسِدِها، وعليه دَمٌ لإفْسَادِها، ويَقْضِيها بعُمْرَةٍ من الحِلِّ. ثم إنْ كانت العُمْرَةُ التى أفْسَدَها عُمْرَةَ الإسلامِ، أجْزَأهُ قَضَاؤُها عن عُمْرَةِ الإسلامِ، وإلَّا فلا.

٥٤٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُه دُونَ الْمِيقَاتِ, فَمِيقَاتُه مِنْ مَوْضِعِهِ)

يَعْنِى إذا كان مَسْكَنُه أقْرَبَ إلى مَكَّةَ من المِيقاتِ، كان مِيقاتُه مَسْكَنَه. هذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وبه يقولُ مالِكٌ، وطاوُسٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وعن مُجاهِدٍ، قال: يُهِلُّ من مَكَّةَ. ولا يَصِحُّ؛ فإنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في

<<  <  ج: ص:  >  >>