للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعَجَمِيَّةِ، لم تَكْمُلِ الشَّهَادَةُ؛ لأنَّ التَّوْكِيلَ بالعَرَبِيَّةِ غيرُ التَّوْكِيلِ بالعَجَمِيَّةِ، فلم تَكْمُل الشّهَادَةُ على فِعْلٍ واحدٍ. وكذلك لو شَهِدَ أحَدُهما أنَّه قال: وَكَّلْتُكَ. وشَهِدَ الآخَرُ، أنَّه قال: أَذِنْتُ لك في التَّصَرُّفِ. أو أنَّه قال: جَعَلْتُكَ وَكِيلًا. أو شَهِدَ (٦٠) أنَّه قال: جَعَلْتُكَ جَريًّا. لم تَتِمَّ الشّهَادَةُ؛ لأنَّ اللَّفْظَ مُخْتَلِفٌ. والجَرِىُّ: الوَكِيلُ. ولو قال أحَدُهما: أشْهَدُ أنَّه وَكَّلَهُ. وقال الآخَرُ: أشْهَدُ أنَّه أَذِنَ له في التَّصَرُّفِ. تَمَّتِ الشَّهَادَةُ؛ لأنَّهما لم يَحْكِيَا لَفْظَ المُوَكِّلِ، وإنَّما عَبَّرَا عنه بِلَفْظِهِما، واخْتِلَافُ لَفْظِهِما لا يُؤَثِّرُ إذا اتَّفَقَ مَعْنَاهُ. ولو قال أحَدُهما: أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ عِنْدِى أنَّه وَكِيلُه (٦١). وقال الآخَرُ: أشْهَدُ أنَّه أقَرَّ أنَّه جَرِيُّهُ. أو أنه أَوْصَى إليه بالتَّصَرُّفِ في حَيَاتِه. ثَبَتَتِ الوَكَالةُ بذلك. وإن شَهِدَ أحَدُهما أنَّه وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبْدِه، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه وَكَّلَهُ وزيدًا، أو شَهِدَ أنه وَكَّلَهُ في بَيْعِه، وقال: لا تَبِعْهُ حتى تَسْتَأْمِرَنِى، أو تَسْتَأْمِرَ فُلَانًا. لم تَتِمَّ الشّهَادَةُ؛ لأنَّ الأَوَّلَ أَثْبَتَ اسْتِقْلَالَهُ بالبَيْعِ من غيرِ شَرْطٍ. والثانى يَنْفِى ذلك، فكانا مُخْتَلِفَيْنِ. وإن شَهِدَ أحَدُهما أنَّه وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبْدِه، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه وَكَّلَهُ في بَيْعِ عَبْدِه وجَارِيَتِه، حَكَمَ بالوَكَالَةِ في العَبْدِ؛ لِاتِّفَاقِهِمَا عليه، وزِيَادَةُ الثاني لا تَقْدَحُ في تَصَرُّفِه في الأَوَّلِ، فلا تَضُرُّه. وهكذا لو شَهِدَ أحَدُهما أنَّه وَكَّلَه في بَيْعِه لِزَيْدٍ، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه وَكَّلَهُ في بَيْعِهِ لِزَيْدٍ وإن شاءَ لِعَمْرٍو.

فصل: ولا تَثْبُتُ الوَكَالَةُ والعَزْلُ بخَبَرِ الواحِدِ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: تَثْبُتُ الوَكَالةُ بخَبَرِ الواحِدِ، وإن لم يكُنْ ثِقَةً. ويجوزُ التَّصَرُّفُ لِلْمُخْبَرِ بذلك، إذا غَلَبَ على ظَنِّه صِدْقُ المُخْبِرِ، بشَرْطِ الضَّمَانِ إن أنْكَرَ المُوَكِّلُ. ويَثْبُتُ العَزْلُ بخَبَرِ الواحدِ إذا كان رَسُولًا؛ لأنَّ اعْتِبارَ شاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ في هذا يَشُقُّ، فسَقَطَ اعْتِبَارُه، ولأنَّه أَذِنَ في التَّصَرُّفِ ومَنَعَ منه، فلم يُعْتَبَرْ في هذا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ، كاسْتِخْدَامِ غُلَامِه. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ مَالِىٌّ، فلا يَثْبُتُ بخَبَرِ الواحِدِ، كالبَيْعِ، وفارَقَ الاسْتِخْدَامَ؛ فإنَّه ليس بِعَقْدٍ. ولو شَهِدَ اثْنَانِ أن فُلَانًا الغائِبَ وَكَّلَ فُلَانًا الحاضِرَ، فقال الوَكِيلُ: ما


(٦٠) سقط من: م.
(٦١) في أ، ب، م: "وكله".

<<  <  ج: ص:  >  >>