ميراثِ الآخرِ، فأشْبَهَ الرَّجُلَ. وإن عَتَقَتْ (٧١)، فاختارتْ نفسَها، أو كان الزَّوْجُ عِنِّينًا فأُجِّلَ سَنَةً، ولم يُصِبْها حتى مَرِضَتْ فى آخرِ الحَوْلِ، فاخْتارتْ فُرْقَتَه، وفُرِّقَ بينهما، لم يتَوارَثا فى قولِهم أجْمَعِينَ. ذكَره ابنُ اللَّبَّانِ فى "كتابه". وذكرَ القاضِى فى المُعْتَقةِ إذا اخْتارتْ نفسَها فى مَرَضِها، لم يرِثْها؛ وذلك لأنَّ فَسْخَ النِّكاحِ فى هذيْن المَوْضِعَيْنِ لِدَفْعِ الضَّررِ، لا للْفرَارِ من الميراثِ. وإن قَبَّلت ابنَ زَوْجِها لشَهْوةٍ، خُرِّجَ فيه وَجْهان؛ أحدهما، يَنْفَسِخُ نِكاحُها ويرِثُها إذا كانت مريضةً، وماتت فى عِدَّتِها. وهذا قولُ أبى حنيفةَ وأصحابِه. والثانى، لا يَنْفَسِخُ النِّكاحُ به. وهو قولُ الشافعىِّ. ولو أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابنةَ أخِيه وهى صغيرةٌ، ثم بلغَتْ، ففَسخَتِ النِّكاحَ فى مَرَضِها، لم يَرِثْها الزَّوْجُ. بغير خلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ النِّكاحَ من أصْلِه غيرُ صحيحٍ فى صحيحِ المذهبِ، وهو قولُ الشافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. ورُوِىَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على صِحَّتِه، ولها الخيارُ. وهو مذهبُ أبى حنيفةَ وأصحابِه، إلَّا أَنَّ الفَسْخَ لإِزالةِ الضَّررِ لا من أجْلِ الْفرارِ، فلم يَرِثْها، كما لو فَسَختِ المُعْتَقةُ نِكاحَها. واللَّهُ أعلمُ.
فصل: إذا طلَّقَ المريضُ امرأتَه، ثم نكَحَ أُخْرَى، ومات من مرضِه فى عِدَّةِ المُطَلَّقةِ، ورِثَتَاه جميعا. هذا قولُ أبى حنيفةَ وأهلِ العراقِ، وأحدُ قَوْلَى الشافِعىِّ، رَضِىَ اللَّه عنه. والقوُل الآخرُ، لا تَرِثُ المَبْتوتةُ، فيكونُ الميراثُ كلُّه للثانيةِ. وقال مالكٌ: الميراثُ كلُّه للمُطَلَّقةِ؛ لأنَّ نكاحَ المريضِ عندَه غيرُ صحيحٍ. وجَعَلَ بعضُ أصحابِنا فيها وَجْهًا، أَنَّ الميراثَ كلَّه للمُطَلَّقةِ؛ لأنَّها تَرِثُ منه ما كانت تَرِثُ قبلَ طلاقِها، وهو جميعُ الميراثِ، فكذلك بعدَه. وليس هذا بصحيحٍ، فإنَّها إنَّما تَرِثُ ما كانت تَرِثُ لو لم يُطَلِّقْها، ولو لم يُطَلِّقْها وتزَوَّج عليها، لم تَرِثْ إلَّا نِصْف ميراثِ الزَّوْجاتِ، فكذلك إذا طَلَّقَها. فعلى هذا لو تزوَّجَ ثلاثًا فى مرضِه، فليس للمُطلَّقةِ إلَّا رُبْعُ ميراثِ الزَّوْجاتِ، ولكلِّ واحدةٍ من الزَّوْجاتِ رُبْعُه. وإن مات بعدَ انْقضاءِ عِدَّةِ المُطَلَّقةِ، فالميراثُ