للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنَّ اللَّه تعالى أَمَرَ بقتالِهم مَمْدُودًا إلى إعْطاءِ الجِزْيَةِ، فإذا (٤٩) لم (٥٠) يُعْطِها، كان قِتالُه (٥١) مُباحًا. ووَجْهُ الأوَّلِ اشْتراطُ مالٍ، يَبْلُغُ قَدْرَ الجِزْيَةِ، فجازَ، كما لو شَرَطَ عليهم عِدْلَ الجِزْيَةِ مَعَافِرَ.

فصل: وإذا شَرَطَ فى عَقْدِ الذِّمَّةِ شَرْطًا فاسِدًا، مثلَ أَنْ يشْتَرِطَ أن لا جزْيَةَ عليهم، أو إظهارَ المُنْكَرِ، أو إسْكانَهُم الحجازَ، أو إدخالَهم الحَرَمَ، ونحوَ هذا الشَّرْطِ (٥٢)، فقال القاضى: يَفْسُدُ العَقْدُ به؛ لأنَّه شَرَطَ فِعْلَ مُحَرَّمٍ، فأَفْسَدَ العَقْدَ، كما لو شَرَطَ قِتالَ المسلمين. ويَحْتَمِلُ أن يفْسُدَ الشَّرْطُ وَحْدَه، ويَصِحَّ العَقْدُ، بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدَةِ فى البيعِ والمُضاربَةِ.

١٦٩٠ - مسألة؛ قال: (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِىٍّ، وَلَا زائِلِ الْعَقْلِ، وَلَا امْرَأةٍ)

لا نَعْلَمُ بين أهل العلْمِ خلافًا فى هذا. وبه قال مالِك، وأبو حنيفة، وأصحابُه، والشافِعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال ابنُ المُنْذِر: ولا أعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم. وقد دَلَّ على صِحَّةِ هذا، أَنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، كتَبَ إلى أمَراءِ الأجْنادِ، أن اضْرِبُوا الجِزْيَةَ، ولا تَضْرِبُوهَا على النِّساء والصِّبْيانِ، ولا تَضْرِبُوها إلَّا على مَنْ جَرَت عليه الْمَواسِى. روَاه سعيدٌ، وأبو عُبَيْدٍ، والأَثْرَمُ (١). وقولُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لمُعاذ: "خُذْ مِن كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا" (٢) دليلٌ على أنَّها لا تَجِب على غَيْرِ بالغٍ. ولأنَّ الجِزْيَةَ (٣) تُؤْخَذُ لحَقْنِ الدَّمِ، وهؤلاء دِماؤُهم مَحْقُونَةٌ بِدُونِها.

فصل: وإن بَذَلَتِ المَرْأةُ الجِزْيَةَ، أُخْبِرَت أنَّها لا جِزْيَةَ عليها، فإنْ قالت: فأنا


(٤٩) فى ب: "فإن".
(٥٠) سقط من: م.
(٥١) فى م: "قتالهم".
(٥٢) سقط من: أ، ب، م.
(١) تقدم تخريجه، فى صفحة ١٧٦.
(٢) تقدم تخريجه فى: ٤/ ٣٠.
(٣) فى م: "الدية".

<<  <  ج: ص:  >  >>