للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} (١٠). وقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} (١١). وقال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (١٢). وقال: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ} (١٣). وسائرُ آىِ القرآنِ يَفْصِلُ بينهما، فدَلَّ على أنَّ لَفْظةَ المُشْرِكِينَ بإطْلاقِها غيرُ مُتَناوِلةٍ لأهْلِ الكِتابِ، وهذا معنى قولِ سعيدِ بن جُبَيْرٍ، وقَتادةَ، ولأنَّ ما احْتَجُّوا به عامٌّ فى كلِّ كافِرَةٍ، وَآيَتُنَا خاصَّةٌ فى حِلِّ أهْلِ الكِتابِ، والخاصُّ يَجِبُ تَقْدِيمُه. إذا ئَبَتَ هذا، فالأَوْلَى أن لا يتَزَوَّجَ كِتابِيّةً؛ لأنَّ عمرَ قال للذينَ تَزَوَّجُوا من نِساءِ أهلِ الكتابِ: طَلِّقُوهُنَّ. فطَلَّقُوهُنَّ إلَّا حُذَيفةَ، فقال له عمرُ: طَلِّقْها. قال: تَشْهَدُ أنَّها حَرامٌ؟ قال: هى جَمْرةٌ (١٤)، طَلِّقْها. قال: تَشْهَدُ أنَّها حرامٌ؟ قال: هى جَمرةٌ. قال: قد عَلِمْتُ أنَّها جَمرةٌ، [ولكنَّها لى] (١٥) حَلالٌ. فلمَّا كان بعدُ طَلَّقَها، فقيل له: ألَا طَلَّقْتَها حين أمَرَكَ عُمَرُ؟ قال: كَرِهْتُ أن يَرَى الناسُ أنِّى رَكِبْتُ أمْرًا لا يَنْبَغِى لى. ولأنَّه ربَّما مالَ إليها قَلْبُه ففَتنَتْه، وربما كان بينهما وَلَدٌ فيَمِيَلُ إليها.

فصل: وأهْلُ الكِتابِ الذين هذا حُكْمُهم، هم أهْلُ التَّوْارةِ والإِنْجيلِ. قال اللَّه تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} (١٦). فأهلُ التَّوْراةِ اليَهُودُ والسَّامِرَةُ، وأهلُ الإِنْجِيلِ النَّصارىَ، ومَنْ وافَقَهم فى أصْلِ دِينِهِم من الإفْرنْجِ والأَرْمَنِ وغيرِهم. وأمَّا الصَّابِئُونَ فاخْتَلَفَ فيهم السَّلَفُ كثيرًا، فرُوِىَ عن أحمدَ أنَّهم


(١٠) سورة البينة ١.
(١١) سورة البينة ٦.
(١٢) سورة المائدة ٨٢.
(١٣) سورة البقرة ١٠٥.
(١٤) فى م هنا وفيما يأتى: "خمرة".
(١٥) فى الأصل: "ولكن هى".
(١٦) سورة الأنعام ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>