للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهم إنَّما كان لِمَشَقَّةِ السَّعْىِ، فإذا تَكَلَّفُوا وحصَلُوا في الجامِعِ، زالَتِ المَشَقَّةُ، فوجبتْ عليهم، كغيرِ أهْلِ الأعْذارِ.

٢٩٤ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِمَّنْ عَلَيْهِ حُضُورُ الجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الإِمَامِ، أعَادَها بَعْدَ صَلَاتِه ظُهْرًا)

يَعْنِى مَن وَجَبَتْ عليه الجُمُعَةُ إذا صَلَّى الظُّهْرَ قبلَ أن يُصَلِّىَ الإِمامُ الجُمُعَةَ، لم يَصِحَّ، ويَلْزَمُه السَّعْىُ إلى الجُمُعَةِ إنْ ظَنَّ أنَّه يُدْرِكُها؛ [لأنَّها المَفْرُوضَةُ عليه، فإنْ أَدْرَكَها معه صَلَّاهَا، وإن فَاتَتْهُ فعليه صَلَاةُ الظُّهْرِ] (١). وإنْ ظَنَّ أنَّه لا يُدْرِكُها انْتَظَرَ حتى يَتَيَقَّنَ أنَّ الإِمامَ قد صَلَّى، ثم يُصَلِّى الظُّهْرَ. وهذا قولُ مالِكٍ، والثَّوْرِىِّ، والشَّافِعِىِّ في الجَدِيدِ. وقال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ في القَدِيمِ: تَصِحُّ ظُهْرُه قبلَ صلاةِ الإِمامِ؛ لأنَّ الظُّهْرَ فَرْضُ الوَقْتِ بدَلِيلِ سائِرِ الأيَّامِ، وإنَّما الجُمُعَةُ بَدَلٌ عنها، وقَائِمَةٌ مَقَامَها، ولهذا إذا تَعَذَّرَتِ الجُمُعَةُ صَلَّى ظُهْرًا، فمتى (٢) صَلَّى الظُّهْرَ فقد أتى بالأصْلِ، فأجْزَأهُ كسائِرِ الأيَّامِ. وقالَ أبو حنيفةَ: ويلْزَمُه (٣) السَّعْىُ إلى الجُمُعَةِ، فإن سَعَى بَطَلَتْ ظُهْرُه، وإنْ لم يَسْعَ، أجْزَأتْهُ. ولَنا، أنَّه صَلَّى ما لم يُخاطَبْ به، وتَرَكَ ما خُوطِبَ به، فلم تَصِحَّ، كما لو صَلَّى العَصْرَ مَكانَ الظُّهْرِ، ولا نِزاعَ في أنَّه مُخاطَبٌ بالجُمُعَةِ، [فسَقَطَتْ عنه الظُّهْرُ، كما لو كان بَعِيدًا] (٤)، وقد دَلَّ عليه النَّصُّ والإِجْماعُ، ولا خِلافَ في أنَّه يَأْثَمُ بِتَرْكِها وتَرْكِ السَّعْىِ إليها، ويَلْزَمُ من ذلك أنْ لا يُخاطَبَ بالظُّهْرِ؛ لأنَّه لا يُخاطَبُ في الوَقْتِ بِصلاتَيْنِ، ولأنَّه يَأْثَمُ بِتَرْكِ الجُمُعَةِ وإن صَلَّى الظُّهْرَ، ولا يَأْثَمُ بفِعْلِ الجُمُعَةِ وتَرْكِ الظُّهْرِ بالإِجْماعِ، والوَاجِبُ ما يَأْثَمُ بِتَرْكِه دونَ ما لم يَأْثَمْ به. وقَوْلُهم: إن الظُّهْرَ فَرْضُ


(١) سقط من: أ.
(٢) في أ، م: "فمن".
(٣) في م: "ويلزم".
(٤) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>