للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزِّيادةُ، سواءٌ كان الجُرْحُ بها أو بغيرِها؛ لأنَّ القَتْلَ إنَّما اسْتُوْفِىَ (١٠) بالسَّيْفِ لأنَّه آلَتُه، وليس ثَمَّ (١١) شيءٌ يُخْشَى التَّعَدِّى إليه، فيَجِبُ أن يُسْتَوْفَى ما دون النَّفْس بآلَتِه (١٢)، ويُتَوقَّى ما يُخْشَى منه الزِّيادةُ إلى مَحَلٍّ لا يجوزُ اسْتيفاؤُه، ولأنَّنا مَنَعْنا القِصاصَ بالكُلِّيَّة (١٣) فيما يُخْشَى الزِّيادةُ في اسْتيفائِه. فَلأَنْ نَمْنَعَ الآلَةَ التي يُخْشَى منها ذلك أَوْلَى. فإن كان الجُرْحُ مُوضِحةً أو ما أشْبَهها، فبِالمُوسَى أو حَدِيدةٍ ماضِيةٍ مُعَدَّةٍ لذلك، ولا يَسْتَوْفِى ذلك إلَّا مَنْ له عِلْمٌ بذلك، كالجَرَائِحِى ومن أشْبَههُ، فإن لم يكُنْ للوَلِىِّ عِلْمٌ بذلك، أُمِرَ بالاسْتِنابةِ، وإن كان له عِلْمٌ، فقال القاضي: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه يُمَكَّنُ منه؛ لأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فيُمَكَّنُ من اسْتِيفائِه إذا كان يُحْسِنُ، كالقَتْل. ويَحْتَمِلُ أن لا يُمَكَّنَ من اسْتِيفائِه بنَفْسِه، ولا يَلِيه إلَّا نائبُ الإِمامِ، أو من يَسْتَنِيبُه وَلِىُّ الجِنايَةِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ مع العَداوةِ وقَصْدِ التّشَفِّى [أن يَحِيفَ] (١٤) في الاسْتِيفاءِ بما لا يُمْكِنُ تَلَافِيه، وربَّما أفْضَى إلى النِّزَاعِ والاخْتلافِ، بأن يَدَّعِىَ الجانِى الزِّيادةَ ويُنْكِرَها المُسْتَوْفِى.

فصل: وإذا أراد الاسْتِيفاءَ من مُوضِحَةٍ وشِبْهِها، فإن كان على مَوْضِعِها شَعَرٌ حَلَقَه، ويَعْمِدُ إلى مَوْضِعِ الشَّجَّةِ من رَأْسِ المَشْجُوجِ، فيَعْلَمُ منه طُولَها بخَشَبةٍ أو خَيْطٍ، ويَضَعُها على رأسِ الشَّاجِّ، ويُعْلِمُ طَرَفَيْهِ بخَطٍّ بسَوادٍ أو غيرِه، ويأخُذُ حَدِيدةً عَرْضُها كعَرْضِ الشَّجَّةِ، فيَضَعُها في أوَّلِ الشَّجَّةِ، ويَجُرُّها إلى آخرِها، ويأخذُ (١٥) مثل الشجةِ طُولًا وعَرْضًا، ولا يُراعِى العُمْقَ؛ لأنَّ حَدَّهُ العَظْمُ، ولو رُوعِىَ العُمْقُ لَتَعَذَّرَ الاسْتيفاءُ؛ لأنَّ الناسَ يختلفونَ في قِلَّةِ اللَّحْمِ وكَثْرَتِه، وهذا كما يُسْتَوفَى في الطَّرَفِ


(١٠) في ب: "يستوفى".
(١١) في م: "ثمة".
(١٢) في م زيادة: "ويتوفى".
(١٣) في ب: "للكلية".
(١٤) في م: "الحيف".
(١٥) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>