للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وعن أحمد فى الأكلِ من الزَّرْعِ رِوَايتان، إحداهُما، قال: لا يأكلُ، إنَّما رُخِّصَ فى الثِّمارِ، ليس الزَّرْعُ. وقال: ما سَمِعْنا فى الزَّرْعِ أَنْ يُمَسَّ منه. ووَجْهُه أَنَّ الثِّمارَ، خَلَقَها اللَّه تعالى للأَكْلِ رَطْبَةً، والنُّفوسُ تَتُوقُ إليها (١٨)، والزَّرْعُ بخلافِها. والثانِيةُ، قال: يأكلُ من الْفَرِيكِ؛ لأنَّ العادَةَ جارِيَةٌ بأكْلِه رَطْبًا، أشْبَهَ الثَّمَرَ. وكذلك الحُكْمُ فى الباقِلَّا، والحِمَّصِ، وشِبْهِه ممَّا يُؤكَلُ رَطْبًا. فأمَّا الشَّعِيرُ، وما لم تَجْرِ العادَةُ بأَكْلِه، فلا يجوزُ الأكلُ منه. والأَوْلَى فى الثِّمارِ وغيرِها، أَنْ لا يأْكُلَ منها إلَّا بإذْنٍ؛ لما فيها (١٩) من الخلافِ والأخْبارِ الدَّالَّةِ على التَّحْرِيمِ.

فصل: وعن أحمدَ فى حَلْبِ لَبَنِ الماشِيَةِ روَايتان؛ إحداهُما، يجوزُ له أَنْ يحلبَ، ويشْربَ، ولا يَحْمِلُ؛ لما رَوَى الحسنُ، عن سَمُرة، أَنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أَتَى أحَدُكمْ عَلَى مَاشِيَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُها، فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فإنْ أذِنَ فَلْيَحْلِبْ، ولْيَشْرَبْ، وإِنْ لم يَكُنْ فِيهَا، فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا، فَإِنْ أجَابَهُ أحَدٌ، فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، وإِنْ لَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فَلْيَحْلِبْ، ولْيَشربْ، وَلا يَحْمِلْ". روَاه التِّرمِذِىُّ (٢٠)، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحِيحٌ، والعَمَلُ عليه عندَ (١٨) بعضِ أهلِ العِلْمِ. وبه يقولُ أحمدُ وإسْحاقُ. والرِّوايَةُ الثانِيةُ، لا يجوزُ له أَنْ يَحْلِبَ ولا يَشْرَبَ؛ لما رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَحْلِبَنَّ أحَدٌ مَاشِيَةَ أحَدٍ إلَّا بإذنِهِ، أيحِبُّ أحَدُكُمْ أَنْ تُؤتَى مَشْرَبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُه، فينْتَقَلَ (٢١) طعامُه، فإنَّما تَخْزُنُ لَهمْ ضُرُوعُ [مَوَاشِيهمْ أطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلِبَنَّ أحَدٌ ماشِيَةَ أحَدٍ إلَّا بإذْنِهِ". وفى لفظٍ: "فإنَّ مَا فِى ضُرُوعِ] (٢٢) مَوَاشِيهِمْ مِثْلُ مَا فى مَشارِبهِمْ". مُتَّفَقٌ عليه (٢٣).


(١٨) سقط من: م.
(١٩) فى ب، م: "فيه".
(٢٠) هو الذى تقدم عن سمرة.
(٢١) فى ب، م: "فينقل".
(٢٢) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٣) أخرجه البخارى، فى: باب لا تُحْتَلب ماشية أحد بغير إذن، من كتاب اللقطة. صحيح البخارى ٣/ ١٦٥. ومسلم، فى: باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، من كتاب اللقطة. صحيح مسلم ٣/ ١٣٥٢. =

<<  <  ج: ص:  >  >>