فيتناولُ أقلَّ ما يقَعُ عليه الاسمُ، والقَصْرُ يُسَمَّى سَفَرًا، ويجوزُ فيه التَّيَمُّمُ، والنافِلَةُ على الراحِلَةِ. ولا يُحْبَسُ في البَلَدِ الَّذِى نُفِىَ إليه. وبهذا قال الشافِعِىُّ، وقال مالِكٌ: يُحْبَسُ. وَلنا، أنَّه زيادةٌ لم يَرِدْ بها الشَّرْعُ، فلا تُشْرَعُ، كالزِّيادَةِ على العامِّ.
فصل: وإذا زَنَى الغريبُ، غُرِّبَ إلى بَلَدٍ غيرِ وطنِه. وإن زَنَى في البلدِ الَّذِى غُرِّبَ إليه، غُرِّبَ منه إلى غيرِ البلدِ الَّذِى غُرِّبَ منه؛ لأنَّ الأمرَ بالتَّغْريبِ يتَناولُه حيث كان، ولأنَّه قد أَنِسَ بالبَلَدِ الَّذِى سكنَه، فيُبْعَدُ عنه.
فصل: ويَخْرُجُ مع المرأةِ مَحْرَمُها حتى يُسْكِنَها في مَوْضعٍ، ثم إنْ شاءَ رجعَ إذا أَمِنَ عليها، وإن شاءَ أقامَ معها حتى يَكْمُلَ حولُها. وإن أبَى الخروجَ معها، بذَلَتْ له الأُجْرَةَ. قال أصْحابُنا: وتَبْذُلُ من مالِها؛ لأنَّ هذا من مُؤْنَةِ سَفَرِها. ويَحْتَمِلُ أن لا يجبَ ذلك عليها؛ لأنَّ الواجبَ عليها التَّغَرُّبُ بنَفْسِها، فلم يلْزَمْها زيادةٌ عليه كالرجلِ، ولأنَّ هذا من مُؤْنَةِ إقامةِ الحَدِّ، فلم يَلْزَمْها، كأُجْرَةِ الجلَّادِ. فعلى هذا تُبْذَلُ الأُجْرةُ من بيتِ المالِ. وعلى قولِ أصْحابِنا، إن لم يكُنْ لها مالٌ، بُذِلَتْ من بيتِ المالِ. فإن أبَى مَحْرَمُها الخروجَ معها، لم يُجْبَرْ، وإن لم يكنْ لها مَحْرَمٌ، غُرِّبَتْ مع نِساءٍ ثقات. والقولُ في أُجرَةِ مَن يسافرُ معها منهنَّ، كالقولِ في أُجْرَةِ المَحْرَمِ. فإن أَعْوَز، فقد قال أحمدُ: تَبْقَى بغيرِ مَحْرَمٍ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا سبيلَ إلى تأْخِيرِه، فأشْبَهَ سفَرَ الهِجْرَةِ والحجِّ إذا ماتَ محرمُها في الطَّرِيقِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يسْقُطَ النَّفْىُ، إذا لم تَجدْ مَحْرَمًا، كما يسْقُطُ سَفَرُ الحجِّ، إذا لم يكُنْ لها مَحْرَمٌ، فإنَّ تَغْريبَها إغراءٌ لها بالفُجُورِ، وتعريضٌ لها للفِتْنةِ، وعُمومُ الحديثِ مَخْصوصٌ بعُمومِ النَّهْىِ عن سَفَرِها بغيرِ مَحْرَمٍ.
فصل: ويجب أن يحضُرَ الحَدَّ طائفةٌ من المؤمنين؛ لقولِ اللَّه تعالى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(١٧). قال أصحابُنا: والطائِفَةُ واحدٌ فما فوقَه. وهذا