للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٠١ - مسألة؛ قال: (وَإذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ سَبْعَ سِنِينَ، فالْأبُ أحَقُّ بِهَا)

وقال الشافعيُّ: تُخَيَّرُ كالغلامِ؛ لأنَّ كلَّ سِنٍّ خُيِّرَ فيه الغلامُ خُيِّرَتْ فيه الجارِيةُ، كسِنِّ البُلُوغِ. وقال أبو حنيفةَ: الأمُّ أحَقُّ بها، حتى تُزَوَّجَ أو تَحِيضَ. وقال مالكٌ: الأُمُّ أحَقُّ بها حتى تُزَوَّجَ ويَدْخُلَ (١) بها الزَّوجُ؛ لأنَّها لا حُكْمَ لِاخْتِيارِها، ولا يُمْكِنُ انْفِرادُها، فكانت الأمُّ أحَقَّ بها، كما قَبْلَ السَّبْعِ. ولَنا، أنَّ الغَرَضَ بالحضانةِ الحَظُّ، والحَظُّ للجاريةِ بعدَ السَّبْعِ في الكَوْنِ عند أبيها؛ لأنَّها تَحْتاجُ إلى حِفْظٍ، والأبُ أوْلَى بذلك، فإنَّ الأُمَّ تحْتاجُ إلى مَنْ يَحْفَظُها ويَصُونُها، ولأنَّها إذا بَلَغَتِ السَّبْعَ، قارَبَتِ الصَّلَاحِيَةَ للتَّزْوِيجِ، وقد تزوَّجَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عائشةَ، وهى ابنةُ سَبْعٍ (٢). وإنَّما تُخْطَبُ الجارِيةُ من أبِيها؛ لأنَّه وَلِيُّها، والمالكُ لتَزْوِيجِها، وهو أعلمُ بالكَفاءةِ، وأقْدَرُ على البَحْثِ، فيَنْبَغِى أن يُقَدَّمَ على غيرِه، ولا يُصارُ إلى تَخْيِيرِها؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ به فيها، ولا يَصِحُّ قِياسُها على الغُلامِ؛ لأنَّه لا يحْتاجُ إلى الحِفْظِ والتَّزْويجِ، كحاجَتِها إليه، ولا على سِنِّ البُلُوغِ؛ لأنَّ قَوْلَها حينئذٍ مُعْتَبرٌ في إذْنِها، وتَوْكِيلِها، وإقْرارِها، واخْتيارِها، بخلافِ مسأَلَتِنا، ولا يَصِحُّ قِياسُ ما بعدَ السَّبْعِ على ما قبلَها؛ لما ذكَرْنا في دَلِيلِنا.

فصل: إذا كانت الجاريةُ عندَ الأُمِّ أو عندَ الأبِ، فإنَّها تكونُ عندَه ليلًا ونهارًا؛ لأنَّ تَأْدِيبَها وتَخْرِيجَها في جَوْفِ البيتِ، من تَعْلِيمِها الغَزْلَ والطَّبْخَ وغيرهما (٣)، ولا حاجةَ بها إلى الإِخْراجِ منه، ولا يُمْنَعُ أحَدُهما من زِيارَتِها عندَ الآخَرِ، من غيرِ أن يَخْلُوَ الزَّوْجُ بأُمِّها، ولا يُطِيلُ، ولا يتَبَسَّطُ؛ لأنَّ الفُرْقةَ بينهما تَمْنَعُ تَبَسُّطَ أحَدِهما في منزلِ الآخَرِ. وإن مَرِضَتْ، فالأُمُّ أحَقُّ بتَمْرِيضِها في بيتِها. وإن كان الغلامُ عندَ الأُمِّ بعدَ السَّبْعِ، لِاخْتِيارِه لها، كان عندَها ليلًا، ويأخذُه الأبُ نَهارًا ليُسَلِّمَه في مكتبٍ، أو


(١) في أ، ب، م: "أو يدخل".
(٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٣٩٦، ٩/ ٣٩٨.
(٣) في أ، ب، م: "وغيرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>