للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث. قالَه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: ولا يَصِحُّ عن الزُّهْرِيِّ. وحُكِىَ عن أهلِ الطِّبِّ أنهم لا يعرفون لذلك تأثيرًا في الضَّرر.

فصل: فأمَّا الماءُ المُسَخَّنُ بالنَّجاسةِ، فهو على ثلاثة أقسام:

أحدها، أن يَتَحَقَّقَ وصولُ شيءٍ من أجزاءِ النجاسةِ إلى الماء، فيُنَجِّسُهُ إذا كان يَسِيرًا.

والثانى، أن لا يتَحَقَّق وصولُ شيءٍ مِن أجزاءِ النجاسةِ إلى الماءِ والحائلُ غيرُ حَصِينٍ، فالماءُ علَى أصلِ الطهارة، ويُكْرَهُ اسْتِعْمالُه.

وقال الشافعيُّ: لا يُكْرَهُ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل حَمَّامًا بالجُحْفَةِ.

ولنا، أنَّه ماءٌ تَردَّدَ بين الطهارةِ والنجاسةِ مع وُجودِ سَببِها، فأقَلُّ أحْوالِه الكَراهةُ، والحديثُ لا يثْبُتُ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما يُرْوَى عن ابن عباس، ولم يثبُتْ أن الوَقُودَ كان نَجِسًا، ولا أنَّ الحائلَ كان غيرَ حَصيِنٍ، والحديثُ قضيةٌ في عَيْنٍ لا يثبُتُ به نَفْىُ الكَراهةِ إلَّا في مِثْلهِا، ولا يثبُتُ به نَفْىُ الكَراهةِ علَى الإطْلاقِ.

القسم الثالث، إذا كان الحائلُ حَصِينًا، فقال القاضي: يُكْرَهُ، واختار الشريفُ أبو جعفر (٢٩)، وابن عَقِيلٍ، أنه لا يُكْرَه؛ لأنه غيرُ مُترَدَّدٍ في نجاستِه، بخلافِ التي قبلَها.

وذكر أبو الخَطَّاب (٣٠) في كَراهةِ المُسَخَّنِ بالنجاسة روايَتَيْن، على الإِطْلاق.

فصل: ولا يُكْرَهُ الوُضوءُ والغُسْلُ بماءِ زَمْزَم؛ لأنه ماءٌ طَهُورٌ، فأشْبَهَ سائرَ المياه.


(٢٩) أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى بن أحمد الشريف، ينتهى نسبه إلى العباس بن عبد المطلب، رضى اللَّه عنه، ولد سنة إحدى عشرة، وأربعمائة، وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وصنف، وتوفى سنة سبعين وأربعمائة. طبقات الحنابلة ٢/ ٢٣٧ - ٢٤١، العبر ٣/ ٢٧٣، ٢٧٤.
(٣٠) أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني البغدادي، أحد أئمة المذهب الحنبلى وأعيانه، ولد سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وصنف كتبا حسانا في المذهب، والأصول والخلاف، وتوفى سنة عشر وخمسمائة. طبقات الحنابلة ٢/ ٢٥٨، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ١١٦ - ١٢٧، العبر ٤/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>