للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٣٥ - مسألة؛ قال: (والْمُحَرَّمُ مِنَ الْحَيَوَانِ، مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِى كِتَابِهِ، وَمَا كَانتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِ طَيِّبًا فَهُوَ حَلَالٌ، ومَا كَانَتْ تُسَمِّيهِ خَبِيثًا، فَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (١))

يَعْنِى بقولِه: ما سَمَّى اللَّه تعالَى فى كِتابه. قولَه سبحانَه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٢). وما عدا هذا، فما استطابَتْه العَرَبُ، فهو حَلالٌ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ}. يعنى ما (٣) يَسْتَطِيبُونَه دونَ الحلالِ، بدليلِ قولِه فى الآيَةِ الأُخْرَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (٤). ولو أَرادَ الحلالَ لم يكُنْ ذلك جوابًا لهم. وما اسْتَخْبَثَتْه العربُ، فهو مُحَرَّمٌ؛ لقولِ اللَّه تعالَى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}. والذين تُعْتَبَرُ اسْتِطابَتُهم واسْتِخْباثُهم هم أهلُ الحِجازِ، من أهلِ الأَمْصَارِ؛ لأنَّهم الذين نَزَلَ عليهم الكتابُ، وخُوطِبُوا به وبالسُّنَّةِ، فرُجِعَ فى مُطْلَقِ ألفاظِهما (٥) إلى عُرْفِهم دونَ غيرِهم، ولم يُعْتبَرْ أهلُ البَوادِى؛ لأنَّهم للضرورَةِ والْمَجاعَةِ يأكُلُون ما وَجَدُوا، ولهذا سُئِلَ (٦) بَعْضُهُم عمَّا يأْكُلونَ؛ فقالَ: ما دَبَّ ودَرَجَ، إلَّا أُمَّ حُبَيْنٍ (٧). فقال: لِتَهْنِ أُمَّ حُبَيْنٍ العافِيَةُ. وما وُجِدَ فى أمْصارِ المسلمين، ممَّا لا يَعْرِفُه أهلُ الحِجازِ، رُدَّ إلى أقْرَبِ ما يُشْبِهُه فى الحِجازِ، فإنْ لم يُشْبِهْ شيئًا منها، فهو مُباحٌ؛ لدُخولِه فى عمومِ قولِه تعالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِى مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}. الآية (٨)، ولِقَوْلِ النَّبِىّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَمَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ" (٩). إذا ثَبَت هذا، فمِنَ المُسْتَخْبَثاتِ الحَشَراتُ، كالديدانِ، والجُعْلانِ،


(١) سورة الأعراف ١٥٧.
(٢) سورة المائدة ٣.
(٣) سقط من: الأصل، ب.
(٤) سورة المائدة ٤.
(٥) فى الأصل: "ألفاظهم".
(٦) فى ب، م: "سأل".
(٧) أم حبين: دُوَيَّبَّة تشبه الضب. انظر: الحيوان ٦/ ١٤٣.
(٨) سورة الأنعام ١٤٥.
(٩) أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى لبس الفراء، من أبواب اللباس. عارضة الأحوذى ٧/ ٢٢٩. وابن ماجه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>