للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد زِدْتُكِ فى صَداقِك ألفًا. لم تصِحَّ، ولم تَلْزَم الزيادةُ عندَ مَوْتِ الأبِ. والثانى، أنَّ الشَّرْطَ ههُنا لم يتَجَدَّدْ فى قولِه: إن كان لى زَوْجةٌ، أو إن كان أبوكِ مَيِّتًا. ولا الذى جَعَلَ الألفَ فيه معلومَ الوُجُودِ، ليكونَ الألفُ الثانى زيادةً عليه. ويُمْكِنُ الفَرْقُ بين المسألةِ التى نَصَّ أحمدُ (٢٣) على إبْطالِ التَّسْمِيَةِ فيها، وبين التى نَصَّ على الصِّحَّةِ فيها، بأنَّ الصِّفَةَ التى جعلَ الزِّيادةَ فيها ليس للمرأةِ فيها غَرَضٌ (٢٤) يَصِحُّ بَذْل العِوَض فيه، وهو كونُ أبِيها مَيِّتًا، بخلافِ المسْألتَيْنِ اللَّتيْنِ صَحَّتِ التَّسْمِيَةُ فيهما، فإنَّ خُلُو المرأةِ من ضَرَّةٍ تُغِيرُها، وتُقاسِمُها، وتُضَيِّقُ عليها، من أكْبَرِ أغْراضِها، وكذلك قَرارُها (٢٥) فى دارِها بين أهْلِها وفى وَطَنِها، فلذلك خَفَّفَتْ صَداقَها لِتَحْصِيلِ غَرَضِها (٢٦)، وثَقّلَتْه عند فَواتِه. فعلى هذا يَمْتَنِعُ قياسُ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ على الأُخْرَى، ولا يكونُ فى كل مسألةٍ إلَّا رِوايةٌ واحدةُ، وهى الصِّحةُ فى المسْألتَيْنِ الآخرتيْنِ، والبُطْلانُ فى المسألةِ الأولَى، وما جاء من المسائلِ أُلْحِقَ بأشْبَهِهِما به.

فصل: وإن تزَوَّجَها على طَلاقِ امْرأةٍ له أُخْرَى، لم تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ، ولها مهرُ مِثْلِها. وهذا اختيارُ أبى بكرٍ، وقولُ أكثرِ الفقهاء؛ لأنَّ هذا ليس بمالٍ. وإنَّما قال اللَّه تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (٢٧). ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا تَسْأَل المَرْأةُ طَلَاقَ أُخْتِها، لِتَكْتَفِئَ (٢٨) مَا فِى صَحْفَتِهَا، ولْتَنْكِحْ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا". صحيحٌ (٢٩). ورَوَى عبدُ اللَّه بن عَمْرٍو، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "لَا يَحِلُّ لِرَجلٍ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً بِطَلَاقِ أُخْرَى" (٣٠). ولأنَّ هذا لا يَصْلُحُ (٣١) ثَمَنًا فى بَيْعٍ، ولا أجْرًا فى إجَارةٍ، فلم يصحَّ


(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) فى الأصل، ب: "عوض".
(٢٥) فى م: "إقرارها".
(٢٦) فى ب: "عوضها".
(٢٧) سورة النساء ٢٤.
(٢٨) فى أ، ب: "لتكفئ".
(٢٩) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٣٠٦، ٩/ ٤٨٦.
(٣٠) أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٧٦.
(٣١) فى م: "يصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>