للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبُولِه. وقد نقل أبو طالبٍ، عن أحمدَ، فى رَجُلٍ مَشَى إليه قومٌ فقالوا له: زَوِّجْ فلانًا. قال: قد زَوَّجْتُه على ألْفٍ. فرَجَعُوا إلى الزَّوْجِ فأخبرُوه، فقال: قد قَبِلْتُ. هل يكون هذا نِكاحًا؟ قال: نعم. قال القاضى: هذا مَحْمُولٌ على أنَّه وَكَّلَ من قَبِلَ العَقْدَ فى المَجْلِسِ. وقال أبو بكرٍ: مسألةُ أبى طالبٍ تَتَوَجّه على قَوْلَيْنِ. واخْتارَ أنَّه لابُدَّ من القَبُولِ فى المَجْلِس، وهو الصحيحُ إن شاءَ اللَّهُ تعالى.

فصل: فإن أَوَجَبَ النِّكاحَ، ثم زال عَقْلُه بجُنُونٍ أو إغْماءٍ، بَطَلَ حُكْمُ الإِيجابِ، ولم ينْعَقِدْ بالقَبُولِ بعدَه؛ لأنَّه (٣١) ما لم يُضَامّه القَبُولُ لم يكنْ عَقدًا، فبَطَلَ بزَوالِ العَقْلِ، كالعُقُودِ الجائِزَةِ (٣٢) تَبْطُل بالمَوْتِ والجُنُونِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وإن زال عَقْلُه بنَوْمٍ، لم يَبْطُلْ حكمُ الإِيجابِ؛ لأنَّه لا يُبْطِلُ العُقُودَ الجائِزَةَ، فكذلك هذا.

فصل: ولا يَثْبُتُ فى النِّكاحِ خِيارٌ، وسواءٌ فى ذلك خِيارُ المَجْلِسِ وخِيارُ الشَّرْطِ. ولا نعلمُ أحدًا خالَفَ فى (٣٣) هذا، وذلك لأنَّ الحاجةَ غيرُ دَاعِيةٍ إليه، فإنَّه لا يَقَعُ فى الغالِبِ إلَّا بعدَ تَرَوٍّ، وفِكْرٍ، ومَسْألةِ كلِّ واحدٍ من الزَّوْجَيْنِ عن صاحِبِه، والمَعْرِفةِ بحالِه، بخِلافِ البَيْعِ الواقعِ فى الأسْواقِ من غيرِ فِكْرٍ ولا رَوِيَّةٍ، ولأنَّ النِّكاحَ ليس بمُعَاوَضةٍ مَحْضَةٍ، ولهذا لا يُعْتَبِرُ فيه العِلْمُ بالمَعْقُودِ عليه برُؤْيةٍ ولا صِفَةٍ، ويَصِحُّ من غير تَسْمِيةِ العِوَضِ، ومع فَسَادهِ، ولأنَّ ثُبُوتَ الخِيارِ فيه (٣٢) يُفْضِى إلى فَسْخِه بعدَ ابْتِذالِ المَرْأةِ، فإنَّ فى فَسْخِه بعدَ العَقْدِ ضَرَرًا بالمرأَةِ، ولذلك أوْجَبَ الطَّلاقُ قبل الدُّخولِ نِصْفَ الصَّدَاقِ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ أن يَخْطُبَ العاقِدُ أو غيرُه قبلَ التَّواجُبِ، ثم يكونُ العَقْدُ بعدَه؛


(٣١) سقط من: أ، م.
(٣٢) سقط من: م.
(٣٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>